يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)
القول في تأويل قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: ( يا أيها الذين آمنوا )، صدّقوا الله ورسوله =( لا تبطلوا صدقاتكم ), يقول: لا تبطلوا أجورَ صدَقاتكم بالمنّ والأذى, كما أبطل كفر الذي ينفق ماله =( رئاء الناس ), وهو مراءاته إياهم بعمله، وذلك أن ينفق ماله فيما يرى الناسُ في الظاهر أنه يريد الله تعالى ذكره فيحمدونه عليه، وهو غيرُ مريدٍ به الله ولا طالب منه الثواب، (84) . وإنما ينفقه كذلك ظاهرًا ليحمده الناس عليه فيقولوا: " هو سخيّ كريم, وهو رجل صالحٌ" فيحسنوا عليه به الثناء، وهم لا يعلمون ما هو مستبطن من النية في إنفاقه ما أنفق, فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر.
* * *
وأما قوله: ( ولا يؤمن بالله واليوم الآخر )، فإن معناه: ولا يصدق بوحدانية الله ورُبوبيته, ولا بأنه مبعوث بعد مماته فمجازًى على عمله, فيجعل عمله لوجه الله وطلب ثوابه وما عنده في معاده. وهذه صفة المنافق; وإنما قلنا إنه منافق, لأن المظهرَ كفرَه والمعلنَ شركه، معلوم أنه لا يكون بشيء من أعماله مرائيًا. لأن المرائي هو الذي يرائي الناس بالعمل الذي هو في الظاهر لله، وفي الباطن مريبة سريرةُ عامله، مرادٌه به حمد الناس عليه. (85) . والكافر لا يُخِيلُ على أحدٍ أمرُه أن أفعاله كلها إنما هي للشيطان (86) - إذا كان معلنًا كفرَه - لا لله. ومن كان كذلك، فغير كائن مرائيًا بأعماله.
* * *
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
6039 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال أبو هانئ الخولاني, عن عمرو بن حريث, قال: إن الرجل يغزو, لا يسرق ولا يزني ولا يَغُلّ, لا يرجع بالكفاف! فقيل له: لم ذاك؟ قال: إن الرجل ليخرج، (87) . فإذا أصابه من بلاءِ الله الذي قد حكم عليه، سبَّ ولعَن إمامَه ولعَن ساعة غزا, وقال: لا أعود لغزوة معه أبدًا! فهذا عليه, وليس له = مثلُ النفقة في سبيل الله يتبعها منٌّ وأذى. فقد ضرب الله مثلها في القرآن: ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صَدقاتكم بالمنّ والأذى )، حتى ختم الآية. (88) .
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بذلك: فمثل هذا الذي ينفق ماله رئاء الناس, ولا يؤمن بالله واليوم الآخر = و " الهاء " في قوله: ( فمثله ) عائدة على " الذي" =( كمثل صفوان )، و " الصفوان " واحدٌ وجمعٌ, فمن جعله جمعًا فالواحدة " صفوانة "، (89) . بمنـزلة " تمرة وتمر " و " نخلة ونخل ". ومن جعله واحدًا، جمعه " صِفْوان، وصُفِيّ، وصِفِيّ", (90) . كما قال الشاعر: (91) .
* مَوَاقعُ الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيِّ * (92)
و " الصفوان " هو " الصفا ", وهي الحجارة الملس.
* * *
وقوله: ( عليه تراب )، يعني: على الصفوان ترابٌ =( فأصابه ) يعني: أصاب الصفوان =( وابل )، وهو المطر الشديد العظيم, كما قال امرؤ القيس:
سَـــاعَةً ثُــمَّ انْتَحَاهَــا وَابِــلٌ
سَـــاقِطُ الأكْنَــافِ وَاهٍ مُنْهَمِــرُ (93)
يقال منه: " وَبلت السماء فهي تَبِل وَبْلا ", وقد: " وُبلت الأرض فهي تُوبَل ".
* * *
وقوله: ( فتركه صلدًا ) يقول: فترك الوابلُ الصفوانَ صَلدًا.
و " الصلد " من الحجارة: الصلب الذي لا شيء عليه من نبات ولا غيره, وهو من الأرَضين ما لا ينبت فيه شيء, وكذلك من الرؤوس, (94) . كما قال رؤبة:
لَمَّـــا رَأَتْنِــي خَــلَقَ المُمَــوَّهِ
بَــرَّاقَ أَصْــلادِ الجَــبِينِ الأجْلَـهِ (95)
ومن ذلك يقال للقدر الثخينة البطيئة الغلي: " قِدْرٌ صَلود "," وقد صَلدت تصْلُدُ صُلودًا " , ومنه قول تأبط شرًّا:
وَلَسْـتُ بِجِـلْبٍ جِـلْبِ رَعْـدٍ وَقِـرَّةٍ
وَلا بِصَفًـا صَلْـدٍ عَـنِ الخَـيْرِ أعْزَلِ (96)
* * *
ثم رجع تعالى ذكره إلى ذكر المنافقين الذين ضرب المثلَ لأعمالهم, فقال: فكذلك أعمالهم بمنـزلة الصَّفوان الذي كان عليه تراب, (97) . فأصابه الوابلُ من المطر, فذهب بما عليه من التراب, فتركه نقيًّا لا تراب عليه ولا شيء = يراهُم المسلمون في الظاهر أنّ لهم أعمالا - كما يُرى التراب على هذا الصفوان - بما يراؤونهم به, فإذا كان يوم القيامة وصاروا إلى الله، اضمحلّ ذلك كله, لأنه لم يكن لله، كما ذهب الوابل من المطر بما كانَ على الصفوان من التراب, فتركه أملسَ لا شيء عليه
= فذلك قوله: ( لا يقدرون ), يعني به: الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس, ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر, يقول: لا يقدرون يوم القيامة على ثواب شيء مما كسبوا في الدنيا, لأنهم لم يعملوا لمعادهم، ولا لطلب ما عند الله في الآخرة, ولكنهم عملوه رئاء الناس وطلبَ حمدهم. وإنما حظهم من أعمالهم، ما أرادوه وطلبوه بها.
* * *
ثم أخبر تعالى ذكره أنه ( لا يهدي القوم الكافرين ), يقول: لا يسدّدهم لإصابة الحق في نفقاتهم وغيرها، فيوفقهم لها, وهم للباطل عليها مؤثرون, ولكنه يتركهم في ضلالتهم يعمهون (98) .
فقال تعالى ذكره للمؤمنين: لا تكونوا كالمنافقين الذين هذا المثل صفةُ أعمالهم, فتبطلوا أجور صدقاتكم بمنِّكم على من تصدقتم بها عليه وأذاكم لهم, كما أبطل أجر نفقة المنافق الذي أنفق ماله رئاء الناس, وهو غير مؤمن بالله واليوم الآخر، عند الله. (99) .
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
6040 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى فقرأ حتى بلغ: (عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا)، فهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة يقول: لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ, كما ترك هذا المطر الصفاةَ الحجرَ ليس عليه شيء، أنقى ما كان عليه. (100) .
6041 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ إلى قوله: ( والله لا يهدي القوم الكافرين )، هذا مثل ضربه الله لأعمال الكافرين يوم القيامة, يقول: لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ, كما ترك هذا المطر الصفا نقيًّا لا شيء عليه.
6042 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى إلى قوله: ( على شيء مما كسبوا ) أما الصفوان الذي عليه تراب، فأصابه المطر فذهب ترابه فتركه صلدًا. فكذلك هذا الذي ينفق ماله رياء الناس، (101) . ذهب الرياءُ بنفقته, كما ذهب هذا المطر بتراب هذا الصفا فتركه نقيًّا, فكذلك تركه الرياء لا يقدر على شيء مما قدم. فقال للمؤمنين: لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى فتبطل كما بطلت صَدقة الرياء.
6043 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك, قال: أن لا ينفق الرجل ماله, خير من أن ينفقه ثم يتبعه منًّا وأذى. فضرب الله مثله كمثل كافر أنفق ماله لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر, فضرب الله مثلهما جميعًا: ( كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا ) فكذلك من أنفق ماله ثم أتبعه منًّا وأذى.
6044 - حدثني محمد بن سعد, قال: حدثنى أبي, قال: حدثني عمي, قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى إلى ( كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا ) ليس عليه شيء, وكذلك المنافق يوم القيامة لا يقدر على شيء مما كسب.
6045 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, قال: قال ابن جريج في قوله: لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى قال: يمنّ بصدقته ويؤذيه فيها حتى يبطلها.
6046 - حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد في قوله: ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى ، فقرأ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى حتى بلغ: ( لا يقدرون على شيء مما كسبوا ) ثم قال: أترى الوابل يدع من التراب على الصفوان شيئًا؟ فكذلك منُّك وأذاك لم يدع مما أنفقت شيئًا. وقرأ قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى ، وقرأ: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ ، فقرأ حتى بلغ: وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ . [البقرة: 270-272]. (102) .
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل : صَفْوَانٍ
قد بينا معنى " الصفوان " بما فيه الكفاية, (103) . غير أنا أردنا ذكر من قال مثل قولنا في ذلك من أهل التأويل.
6047 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: ( كمثل صفوان ) كمثل الصفاة.
6048 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك: ( كمثل صفوان ) والصفوان: الصفا.
6049 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, مثله.
6050 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما( صفوان ), فهو الحجر الذي يسمى " الصَّفاة ".
6051 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, مثله.
6052 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله: ( صفوان ) يعني الحجر.
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل : فَأَصَابَهُ وَابِلٌ
قد مضى البيان عنه. (104) . وهذا ذكر من قال قولنا فيه:
6053 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: أما وابل: فمطر شديد.
6054 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك: ( فأصابه وابل ) والوابل: المطر الشديد.
6055 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, مثله.
6056 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, مثله.
* * *
القول في تأويل قوله عز وجل : فَتَرَكَهُ صَلْدًا
* ذكر من قال نحو ما قلنا في ذلك:
6057 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي: ( فتركه صلدًا ) يقول نقيًّا.
6058 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي, قال: حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس: ( فتركه صلدًا ) قال: تركها نقية ليس عليها شيء.
6059- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, قال: قال ابن جريج, قال ابن عباس قوله: ( فتركه صلدًا ) قال: ليس عليه شيء.
6060 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق, قال حدثنا، أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك: ( صلدًا) فتركه جردًا.
6061 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال: خبرنا معمر, عن قتادة: (، فتركه صلدًا ) ليس عليه شيء.
6062 - حدثني المثنى قال: حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس: ( فتركه صلدًا ) ليس عليه شيء.
* * *
------------------------
الهوامش :
(84) في المخطوطة والمطبوعة : "وهو مريد به غير الله" ، وهو سهو من الناسخ ، والسياق يقتضي أن تقدم"غير" ، وهو نص المعنى .
(85) في المطبوعة : "وفي الباطن عامله مراده به حمد الناس عليه" ، وهو تصرف من الطابع ، وفي المخطوطة : "وفي الباطن مربيه عامله مراد به حمد الناس عليه" ، وهي غير مفهومة المعنى ، وبين أنه قد سقط منها"سريرة" من قوله"مربية سريرة عامله" ، وهو إشارة إلى ما مر في تفسيره قبل من قوله : "فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر" . فاستظهرت أن الصواب زيادة"سريرة" ، لتتفق مع معاني ما قال أبو جعفر رحمه الله .
(86) أخال عليه الأمر يخيل : أشكل عليه واستبهم . وسياق الجملة بعد ذلك : "إنما هي للشيطان لا لله" .
(87) في المطبوعة : "قال : فإن الرجل" ، وفي المخطوطة : "فإن إن الرجل" تصحيف والصواب ما أثبت .
(88) الأثر : 6039 -"أبو هانئ الخولاني" : هو : حميد بن هانئ المصري من ثفات التابعين ، روى عن عمرو بن حريث وغيره . وروى عنه الليث وابن لهيعة وابن وهب وغيرهم من أهل مصر مات سنة 142 . و"عمرو بن حريث" ، هو الذي يروي عنه أهل الشام ، وهو غير"عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان المخزومي الكوفي . وانظر ترجمته في التهذيب 8 : 18 .
(89) في المطبوعة : "واحد وجمع ، فمن جعله جمعا" ، وأثبت ما في المخطوطة .
(90) انظر ما سلف في تفسير"الصفا" 3 : 224 ، 225 ، وقوله : جمعه صفوان" يعنى : بكسر الصاد وسكون الفاء ، وهو قول الكسائي ، وقد تعقبوه وخطئوه في شاذ مذهبه . انظر القرطبي 3 : 313 ، وتفسير أبي حيان 2 : 302 ، ومن أجل ذلك أسقطه أصحاب اللغة من كتبهم .
(91) هو الأخيل الطائي .
(92) سلف شرح هذا البيت وتخريجه 3 : 224 ، وسقط ذكر هذا الموضع في التخريج السالف فأثبته هناك .
(93) ديوانه : 90 ، وطبقات فحول الشعراء : 79 ، وغيرهما كثير . وهو من أبيات روائع ، في صفة المطر والسيل أولها :
دِيَمــةٌ هَطْــلاَءُ فِيهَــا وَطَــفٌ
طَبَــقَ الأَرْضِ تَحَــرَّي, وَتَــدِرّْ
ثم قال بعد قليل : "ساعة" أي فعلت ذلك ساعة ، "ثم انتحاها" أي قصدها ، والضمير فيه إلى"الشجراء" في بيت سباق . و"ساقط الأكناف" ، قد دنا من الأرض دنوًّا شديدًا ، كأن نواحيه تتهدم على الشجراء . "منهمر" : متتابع متدفق . واقرأ تمام ذلك في شرح الطبقات .
(94) هذا البيان عن معاني"صلد" ، لا تصيبه في كثير من كتب اللغة .
(95) ديوانه : 165 من قصيدة مضى الاستشهاد بأبيات منها في 1 : 123 ، 309 ، 310 /2 : 222 ، والضمير في"رأتني" إلى صحابته التي ذكرها في أول الشعر و"خلق" : بال . و"المموه" يقال : : وجه مموه" أي مزين بماء الشباب ، ترقرق شبابه وحسنه . وقوله"خلق المموه" ، بحذف"الوجه" الموصوف بذلك . يقول : قد بلي شبابي وأخلق . "أصلاد الجبين" ، يعني أن جبينه قد زال شعره ، فهو يبرق كأنه صفاة ملساء لا نبات عليها . و"الأجله" . الأنزع الذي انحسر شعره عن جانبي جبهته ومقدم جبينه ، وذلك كله بعد أن كان كما وصف نفسه :
* بَعْــدَ غُـدَانِيِّ الشَّـبَابِ الأَبْلَـهِ *
فاستنكرته صاحبته ، بعد ما كان بينه وبينها في شبابه ما كان ، وليت شعري ماذا كان يبغي رؤبة منها ، وقد صار إلى المصير الذي وصف نفسه! ! .
(96) اللسان (جلب) (عزل) ، وغيرهما . ولم أجد القصيدة ، ولكني وجدت منها أبياتًا متفرقة ورواية اللسان والمطبوعة وغيرهما :
وَلَسْـتُ بِجِـلْبٍ جِـلْبِ رِيـحٍ وَقِـرَّةٍ
وَلاَ بِصَفًـا صَلْـدٍ عَـنِ الخَـيْرِ مَعْزِلِ
ولكنه في المطبوعة واللسان أيضًا"جلب ليل" ، والظاهر أن المطبوعة نقلت البيت من اللسان (جلب) دون إشارة إلى ما كان في المخطوطة ، ولكنى أثبت رواية المخطوطة ، فإنها لا تغير وهي سليمة المعاني .
الجلب (بكسر الجيم أو ضمها وسكون اللام) : هو السحاب المعترض تراه كأنه جبل ، ويقال أيضًا : هو السحاب الرقيق الذي لا ماء فيه . ورواية الطبري في المخطوطة تقتضي المعنى الأول : والقرة (بكسر القاف) والقر (بضمها) : البرد الشديد ، يقول : لست امرءًا خاليا من الخير ، بل مطيفًا بالأذى ، كهذا السحاب المخيل المتراكم ، مخيف برعده ، ويلذغ ببرده ، ولا غيث معه . أما رواية اللسان وغيره ، فشرحها على معنى السحاب الرقيق جيد . وقوله : "أعزل" من"عزل الشيء يعزله" إذا نحاه جانبًا وأبعده ، كما سموا الزمل المنقطع المنفرد المنعزل"أعزل" ، فهو من صميم مادة اللغة ، وإن لم يأتوا عليه في كتب اللغة بشاهد . وهذا شاهده بلا شك . أما قوله في الرواية الأخرى"معزل" فهو بمعنى ذلك أيضًا : معتزل عن الخير ، أو معزول عنه . وهو مصدر ميمي من ذلك ، جاء صفة ، كما قالوا : "رجل عدل" ، وكما قالوا"فلان شاهد مقنع" أي رضا يقنع به ، مصدر ميمي من"قنع" ، وهذا بيان لا تجده في كتب اللغة فقيده واحفظه .
(97) في المخطوطة : "عليه ثواب" ، وهو تصحيف غث ، ولكنه دليل على شدة إهمال الناسخ وعجلته .
(98) في المخطوطة : "ولكنه تركهم" ، والصواب ما في المخطوطة .
(99) في المخطوطة : "واليوم عند الله" سقط منه "الآخر" ، وهو دليل على ما أسلفت من عجلته .
(100) في المطبوعة : "أنقى ما كان" ، حذف"عليه" ، كأنه استنكرها ، وهي معرقة في الصواب .
أي : أنقى ما كان عليه من النقاء .
(101) في المطبوعة : "فكذا هذا الذي ينفق" ، لا أدرى لم غير ما في المخطوطة .
(102) ما في المخطوطة والمطبوعة : "وما أنفقتم من خير فلأنفسكم" ، وهو خطأ ظاهر ، والصواب أنه يعني آيات سورة البقرة التي بينتها كما أثبتها .
(103) انظر ما سلف قريبًا ص : 523 ، 524 والمراجع في التعليق عليه .
(104) انظر ما سلف قريبا ص : 524 .