كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7)

هذا بيان للحكمة الموجبة لأن يتبرأ اللّه ورسوله من المشركين، فقال‏:‏ ‏{‏كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ‏}‏ هل قاموا بواجب الإيمان، أم تركوا رسول اللّه والمؤمنين من أذيتهم‏؟‏ أما حاربوا الحق ونصروا الباطل‏؟‏ أما سعوا في الأرض فسادا‏؟‏ فيحق عليهم أن يتبرأ اللّه منهم، وأن لا يكون لهم عهد عنده ولا عند رسوله‏.‏ ‏{‏إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ‏}‏ من المشركين ‏{‏عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ‏}‏ فإن لهم في العهد وخصوصا في هذا المكان الفاضل حرمة، أوجب أن يراعوا فيها‏.‏ ‏{‏فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ‏}
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7)

يبين تعالى حكمته في البراءة من المشركين ونظرته إياهم أربعة أشهر ، ثم بعد ذلك السيف المرهف أين ثقفوا ، فقال تعالى : ( كيف يكون للمشركين عهد ) وأمان ويتركون فيما هم فيه وهم مشركون بالله كافرون به وبرسوله ، ( إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ) يعني يوم الحديبية ، كما قال تعالى : ( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) الآية [ الفتح : 25 ] ، ( فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم ) أي : مهما تمسكوا بما عاقدتموهم عليه وعاهدتموهم من ترك الحرب بينكم وبينهم عشر سنين ( فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين ) وقد فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك والمسلمون ، استمر العقد والهدنة مع أهل مكة من ذي القعدة في سنة ست ، إلى أن نقضت قريش العهد ومالئوا حلفاءهم بني بكر على خزاعة أحلاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقتلوهم معهم في الحرم أيضا ، فعند ذلك غزاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رمضان سنة ثمان ، ففتح الله عليه البلد الحرام ، ومكنه من نواصيهم ، ولله الحمد والمنة ، فأطلق من أسلم منهم بعد القهر والغلبة عليهم ، فسموا الطلقاء ، وكانوا قريبا من ألفين ، ومن استمر على كفره وفر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث إليه بالأمان والتسيير في الأرض أربعة أشهر ، يذهب حيث شاء : منهم صفوان بن أمية ، وعكرمة بن أبي جهل وغيرهما ، ثم هداهم الله بعد ذلك إلى الإسلام التام ، والله المحمود على جميع ما يقدره ويفعله .
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7)

قوله تعالى : ( كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله ) هذا على وجه التعجب ، ومعناه جحد ، أي : لا يكون لهم عهد عند الله ، ولا عند رسوله ، وهم يغدرون وينقضون العهد ، ثم استثنى فقال جل وعلا ( إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام ) قال ابن عباس : هم قريش . وقال قتادة : هم أهل مكة الذين عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية .
قال الله تعالى : ( فما استقاموا لكم ) أي : على العهد ، ( فاستقيموا لهم ) فلم يستقيموا ، ونقضوا العهد ، وأعانوا بني بكر على خزاعة ، فضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح أربعة أشهر يختارون من أمرهم : إما أن يسلموا ، وإما أن يلحقوا بأي بلاد شاءوا ، فأسلموا قبل الأربعة الأشهر . قال السدي والكلبي وابن إسحاق : هم من قبائل بكر : بنو خزيمة وبنو مدلج وبنو ضمرة وبنو الديل ، وهم الذين كانوا قد دخلوا في عهد قريش يوم الحديبية ، ولم يكن نقض العهد إلا قريش وبنو الديل من بني بكر ، فأمر بإتمام العهد لمن لم ينقض وهم بنو ضمرة .
وهذا القول أقرب إلى الصواب ؛ لأن هذه الآيات نزلت بعد نقض قريش العهد وبعد فتح مكة ، فكيف يقول لشيء قد مضى : " فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم " ؟ وإنما هم الذين قال عز وجل : " إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا " كما نقصتكم قريش ، ولم يظاهروا عليكم أحدا كما ظاهرت قريش بني بكر على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( إن الله يحب المتقين ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features