يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)

تفسير سورة الحجرات وهي مدنية .
هذه آداب أدب الله بها عباده المؤمنين فيما يعاملون به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من التوقير والاحترام والتبجيل والإعظام ، فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله [ واتقوا الله ] ) ، أي : لا تسرعوا في الأشياء بين يديه ، أي : قبله ، بل كونوا تبعا له في جميع الأمور ، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ ، [ إذ ] قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه إلى اليمن : " بم تحكم ؟ " قال : بكتاب الله . قال : " فإن لم تجد ؟ " قال : بسنة رسول الله . قال : " فإن لم تجد ؟ " قال : أجتهد رأيي ، فضرب في صدره وقال : " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله ، لما يرضي رسول الله " .
وقد رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي ، وابن ماجه . فالغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة ، ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقديم بين يدي الله ورسوله .
قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) : لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة .
وقال العوفي عنه : نهى أن يتكلموا بين يدي كلامه .
وقال مجاهد : لا تفتاتوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء ، حتى يقضي الله على لسانه .
وقال الضحاك : لا تقضوا أمرا دون الله ورسوله من شرائع دينكم .
وقال سفيان الثوري : ( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) بقول ولا فعل .
وقال الحسن البصري : ( لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ) قال : لا تدعوا قبل الإمام .
وقال قتادة : ذكر لنا أن ناسا كانوا يقولون : لو أنزل في كذا كذا ، وكذا لو صنع كذا ، فكره الله ذلك ، وتقدم فيه .
( واتقوا الله ) أي : فيما أمركم به ، ( إن الله سميع ) أي : لأقوالكم ) عليم ) بنياتكم .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)

هذا متضمن للأدب، مع الله تعالى، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتعظيم له ، واحترامه، وإكرامه، فأمر [الله] عباده المؤمنين، بما يقتضيه الإيمان، بالله وبرسوله، من امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، وأن يكونوا ماشين، خلف أوامر الله، متبعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في جميع أمورهم، و [أن] لا يتقدموا بين يدي الله ورسوله، ولا يقولوا، حتى يقول، ولا يأمروا، حتى يأمر، فإن هذا، حقيقة الأدب الواجب، مع الله ورسوله، وهو عنوان سعادة العبد وفلاحه، وبفواته، تفوته السعادة الأبدية، والنعيم السرمدي، وفي هذا، النهي [الشديد] عن تقديم قول غير الرسول صلى الله عليه وسلم، على قوله، فإنه متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجب اتباعها، وتقديمها على غيرها، كائنا ما كان
ثم أمر الله بتقواه عمومًا، وهي كما قال طلق بن حبيب: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخشى عقاب الله.
وقوله: { إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ } أي: لجميع الأصوات في جميع الأوقات، في خفي المواضع والجهات، { عَلِيمٌ } بالظواهر والبواطن، والسوابق واللواحق، والواجبات والمستحيلات والممكنات
وفي ذكر الاسمين الكريمين -بعد النهي عن التقدم بين يدي الله ورسوله، والأمر بتقواه- حث على امتثال تلك الأوامر الحسنة، والآداب المستحسنة، وترهيب عن عدم الامتثال
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features