الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)

القول في تأويل قوله جل ذكره الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)
قال أبو جعفر الطَبَريّ : قد تقدم منا البيان عن معنى قوله : " الر " ، فيما مضى ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . (19)
* * *
وأما قوله: (كتاب أنـزلناه إليك ) فإن معناه: هذا كتاب أنـزلناه إليك ، يا محمد ، يعني القرآن( لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) يقول: لتهديهم به من ظلمات الضلالة والكفرِ ، إلى نور الإيمان وضيائه ، وتُبصِّر به أهلَ الجهل والعمَى سُبُل الرَّشاد والهُدَى. (20)
وقوله: ( بإذن ربهم) يعني: بتوفيق ربهم لهم بذلك ولطفه بهم (21) ( إلى صراط العزيز الحميد) يعني: إلى طريق الله المستقيم ، وهو دينه الذي ارتضاه ، وشَرَعُه لخلقه. (22)
* * *
و (الحميد) ، " فعيل " ، صُرِف من " مفعول " إلى " فَعيل " ، ومعناه: المحمود بآلائه . (23)
* * *
وأضاف تعالى ذكره إخراجَ الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربِّهم لهم بذلك ، إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهو الهادي خَلْقَه ، والموفقُ من أحبَّ منهم للإيمان ، إذ كان منه دعاؤهم إليه ، وتعريفهُم ما لهم فيه وعليهم . فبيّنٌ بذلك صِحة قولِ أهل الإثبات الذين أضافوا أفعال العباد إليهم كَسبًا ، وإلى الله جل ثناؤه إنشاءً وتدبيرًا ، وفسادُ قول أهل القَدر الذين أنكرُوا أن يكون لله في ذلك صُنْعٌ. (24)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
20559- حدثنا بشر قال ، حدثنا يزيد قال ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله: ( لتخرج الناس من الظلمات إلى النور) ، أي من الضلالة إلى الهدى.
-------------------------
الهوامش :
(20) انظر مراجع ألفاظ الآية فيما سلف من فهارس اللغة .
(21) انظر تفسير " الإذن " فيما سلف قريبًا : 476 ، تعليق : 3 والمراجع هناك .
(22) انظر تفسير " الصراط " فيما سلف 12 : 556 ، تعليق : 3 ، والمراجع هناك .
وقد أغفل تفسير " العزيز " ، فانظر ما سلف 15 : 373 ، تعليق : 2 ، والمراجع هناك
(23) انظر تفسير " الحميد " فيما سلف 5 : 570/ 9: 296/ 15 : 400 .
(24) " أهل الإثبات " ، هم أهل السنة مثبتو الصفات . و " أهل القدر " هم المعتزلة ، ومن أنكر القدر .
الر ۚ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)

يخبر تعالى أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة وأنواع المعاصي إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة، وقوله: { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي: لا يحصل منهم المراد المحبوب لله، إلا بإرادة من الله ومعونة، ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم.
ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب فقال: { إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ } أي: الموصل إليه وإلى دار كرامته، المشتمل على العلم بالحق والعمل به، وفي ذكر { العزيز الحميد } بعد ذكر الصراط الموصل إليه إشارة إلى أن من سلكه فهو عزيز بعز الله قوي ولو لم يكن له أنصار إلا الله، محمود في أموره، حسن العاقبة.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features