المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)

قال أبو جعفر: قد بينا القول في تأويل قوله الر
و (المر) ، ونظائرهما من حروف المعجم التي افتتح بها أوائل بعض سور القرآن، فيما مضى، بما فيه الكفاية من إعادتها (1) غير أنا نذكر من الرواية ما جاء خاصًّا به كل سورة افتتح أولها بشيء منها.
فما جاء من الرواية في ذلك في هذه السورة عن ابن عباس من نقل أبي الضحى مسلم بن صبيح وسعيد بن جبير عنه، التفريقُ بين معنى ما ابتدئ به أولها، مع زيادة الميم التي فيها على سائر السور ذوات الر (2) ومعنى ما ابتدئ به أخواتها (3) مع نقصان ذلك منها عنها.
ذكر الرواية بذلك عنه:
20044- حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن، عن هشيم, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: (المر) قال: أنا الله أرى .
20045- حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا شريك, عن عطاء بن السائب, عن أبي الضحى, عن ابن عباس: قوله: (المر) قال: أنا الله أرى .
20046- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا سفيان, عن مجاهد: (المر) : فواتح يفتتح بها كلامه .
* * *
وقوله: (تلك آيات الكتاب) يقول تعالى ذكره: تلك التي قصصت عليك خبرَها، آيات الكتاب الذي أنـزلته قبل هذا الكتاب الذي أنـزلته إليك إلى من أنـزلته إليه من رسلي قبلك .
* * *
وقيل: عنى بذلك: التوراة والإنجيل .
*ذكر من قال ذلك:
20047- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (المر تلك آيات الكتاب) الكتُب التي كانت قبل القرآن .
20048- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان, عن مجاهد: (تلك آيات الكتاب) قال: التوراة والإنجيل .
* * *
وقوله: (والذي أنـزل إليك من ربك الحق ) [القرآن]، (4) فاعمل بما فيه واعتصم به.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
*ذكر من قال ذلك:
20049- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا سفيان, عن مجاهد: (والذي أنـزل إليك من ربك الحق) قال: القرآن .
20050- حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا سعيد, عن قتادة, قوله: (والذي أنـزل إليك من ربك الحق) : أي: هذا القرآن .
* * *
وفي قوله: (والذي أنـزل إليك) وجهان من الإعراب:
أحدهما: الرفع، على أنه كلام مبتدأ, فيكون مرفوعا بـ" الحق " و " الحق به " . وعلى هذا الوجه تأويل مجاهد وقتادة الذي ذكرنا قبل عنهما .
* * *
والآخر: الخفض على العطف به على (الكتاب), فيكون معنى الكلام حينئذ: تلك آياتُ التوراة والإنجيل والقرآن. ثم يبتدئ(الحق) بمعنى: ذلك الحق فيكون رفعه بمضمر من الكلام قد استغنى بدلالة الظاهر عليه منه .
* * *
ولو قيل: معنى ذلك: تلك آيات الكتاب الذي أنـزل إليك من ربك الحق وإنما أدخلت الواو في" والذي", وهو نعت للكتاب, كما أدخلها الشاعر في قوله:
إلَــى المَلِـكِ القَـرْمِ وَابْـنِ الهُمَـامِ
وَلَيْــثَ الكَتِيبَــةِ فِــي المُزْدَحَـمْ (5)
فعطف بـ" الواو ", وذلك كله من صفة واحد, كان مذهبًا من التأويل. (6)
ولكن ذلك إذا تُؤُوِّل كذلك فالصواب من القراءة في (الحق) الخفض، على أنه نعت لـ(الذي).
* * *
وقوله: (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) ولكن أكثر الناس من مشركي قومك لا يصدقون بالحقّ الذي أنـزل إليك من ربك, (7) ولا يقرّون بهذا القرآن وما فيه من محكم آيه .
----------------------
الهوامش :
(1) انظر ما سلف 1 : 205 - 224 / 6 : 149 / 12 : 293 ، 294 / 15 : 9 ، 225 ، 549 .
(2) في المطبوعة والمخطوطة :" على سائر سور ذوات الراء" ، والصواب ما أثبت .
(3) السياق :" ... التفريق بين معنى ما ابتدئ به أولها ... ومعنى ما ابتدئ به أخواتها" .
(4) الزيادة بين القوسين واجبة ، يدل على وجوبها ما بعدها من الآثار .
(5) مضى البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف 3 : 352 ، 353 ، وقوله :" ليث" ، منصوب على المدح ، كما بينه الطبري هناك .
(6) السياق :" ولو قيل : معنى ذلك ... كان مذهبًا من التأويل" .
(7) في المطبوعة والمخطوطة ، أسقط لفظ الآية ، فأثبتها .
المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)

مكية إلا قوله : " ولا يزال الذين كفروا " ، وقوله : " ويقول الذين كفروا لست مرسلا " [ وهي ثلاث وأربعون آية ] .
( المر ) قال ابن عباس : معناه : أنا الله أعلم وأرى ( تلك آيات الكتاب ) يعني : تلك الأخبار التي قصصتها [ عليك ] آيات التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة ( والذي أنزل إليك ) يعني : وهذا القرآن الذي أنزل إليك ( من ربك الحق ) أي : هو الحق فاعتصم به . فيكون محل " الذي " رفعا على الابتداء ، والحق خبره .
وقيل : محله خفض ، يعني : تلك آيات الكتاب وآيات الذي أنزل إليك ، ثم ابتدأ : " الحق " ، يعني : ذلك الحق .
وقال ابن عباس : أراد بالكتاب القرآن ، ومعناه : هذه آيات الكتاب ، يعني القرآن ، ثم قال : وهذا القرآن الذي أنزل إليك من ربك هو الحق .
( ولكن أكثر الناس لا يؤمنون ) قال مقاتل : نزلت في مشركي مكة حين قالوا : إن محمدا يقوله من تلقاء نفسه فرد قولهم ثم بين دلائل ربوبيته ، فقال عز من قائل : ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ) .
المر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ ۗ وَالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (1)

سورة الرعد
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر ، ومدنية في قول الكلبي ومقاتل . وقال ابن عباس وقتادة : مدنية إلا آيتين منها نزلتا بمكة ; وهما قوله - عز وجل - : ولو أن قرآنا سيرت به الجبال إلى آخرهما
قوله تعالى : المر تلك آيات الكتاب تقدم القول فيها . والذي أنزل إليك يعني وهذا القرآن الذي أنزل إليك .
من ربك الحق لا كما يقول المشركون : إنك تأتي به من تلقاء نفسك ; فاعتصم به ، واعمل بما فيه . قال مقاتل : نزلت حين قال المشركون : إن محمدا أتى بالقرآن من تلقاء نفسه . " والذي " في موضع رفع عطفا على " آيات " أو على الابتداء ، و " الحق " خبره ; ويجوز أن يكون موضعه جرا على تقدير : وآيات الذي أنزل إليك ، وارتفاع الحق على هذا على إضمار مبتدأ ، تقديره : ذلك الحق ; كقوله تعالى : وهم يعلمون الحق ، يعني ذلك الحق . قال الفراء : وإن شئت جعلت الذي خفضا نعتا للكتاب ، وإن كانت فيه الواو كما يقال : أتانا هذا الكتاب عن أبي حفص والفاروق ; ومنه قول الشاعر :
إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم
يريد : إلى الملك القرم بن الهمام ، ليث الكتيبة . ولكن أكثر الناس لا يؤمنون
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features