أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)

يقول تعالى موبخًا عباده عن اشتغالهم عما خلقوا له من عبادته وحده لا شريك له، ومعرفته، والإنابة إليه، وتقديم محبته على كل شيء: { أَلْهَاكُمُ } عن ذلك المذكور { التَّكَاثُرُ } ولم يذكر المتكاثر به، ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون، ويفتخر به المفتخرون، من التكاثر في الأموال، والأولاد، والأنصار، والجنود، والخدم، والجاه، وغير ذلك مما يقصد منه مكاثرة كل واحد للآخر، وليس المقصود به الإخلاص لله تعالى.
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)

مكية
"ألهاكم التكاثر"، شغلتكم المباهاة والمفاخرة والمكاثرة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم وما ينجيكم من سخطه.
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)

تفسير سورة التكاثر وهي مكية .
يقول تعالى : شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها عن طلب الآخرة وابتغائها ، وتمادى بكم ذلك حتى جاءكم الموت وزرتم المقابر ، وصرتم من أهلها ؟!
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا زكريا بن يحيى الوقار المصري ، حدثنا خالد بن عبد الدايم ، عن ابن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ( ألهاكم التكاثر ) عن الطاعة ( حتى زرتم المقابر ) حتى يأتيكم الموت " .
وقال الحسن البصري : ( ألهاكم التكاثر ) في الأموال والأولاد .
وفي صحيح البخاري في " الرقاق " منه : وقال لنا أبو الوليد : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك عن أبي بن كعب قال : كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت : ( ألهاكم التكاثر ) يعني : " لو كان لابن آدم واد من ذهب " .
وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة : سمعت قتادة يحدث عن مطرف - يعني ابن عبد الله بن الشخير - عن أبيه قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " ( ألهاكم التكاثر ) يقول ابن آدم : مالي مالي . وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت ؟ " .
ورواه مسلم والترمذي والنسائي من طريق شعبة به .
وقال مسلم في صحيحه : حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا حفص بن ميسرة ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول العبد : مالي مالي ؟ وإنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلى ، أو تصدق فاقتنى وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " . تفرد به مسلم .
وقال البخاري : حدثنا الحميدي ، حدثنا سفيان ، حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، سمع أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يتبع الميت ثلاثة ، فيرجع اثنان ويبقى معه واحد : يتبعه أهله وماله وعمله ، فيرجع أهله وماله ، ويبقى عمله " .
وكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من حديث سفيان بن عيينة به .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى ، عن شعبة ، حدثنا قتادة ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يهرم ابن آدم وتبقى منه اثنتان : الحرص والأمل " . أخرجاه في الصحيحين .
وذكر الحافظ ابن عساكر ، في ترجمة الأحنف بن قيس - واسمه الضحاك - أنه رأى في يد رجل درهما فقال : لمن هذا الدرهم ؟ فقال الرجل : لي . فقال : إنما هو لك إذا أنفقته في أجر أو ابتغاء شكر . ثم أنشد الأحنف متمثلا قول الشاعر :
أنت للمال إذا أمسكته فإذا أنفقته فالمال لك
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة قال : صالح بن حيان ، حدثني عن ابن بريدة في قوله : ( ألهاكم التكاثر ) قال : نزلت في قبيلتين من قبائل الأنصار في بني حارثة وبني الحارث ، تفاخروا وتكاثروا ، فقالت إحداهما : فيكم مثل فلان بن فلان ، وفلان ؟ وقال الآخرون مثل ذلك ، تفاخروا بالأحياء ، ثم قالوا : انطلقوا بنا إلى القبور . فجعلت إحدى الطائفتين تقول : فيكم مثل فلان ؟ يشيرون إلى القبر - ومثل فلان ؟ وفعل الآخرون مثل ذلك ، فأنزل الله : ( ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر ) لقد كان لكم فيما رأيتم عبرة و
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)

تفسير سورة التكاثر
وهي مكية في قول جميع المفسرين .
وروى البخاري أنها مدنية . وهي ثماني آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
ألهاكم التكاثر
قوله تعالى : ألهاكم التكاثر ألهاكم شغلكم . قال [ امرؤ القيس ] :
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع فألهيتها عن ذي تمائم مغيل
أي شغلكم المباهاة بكثرة المال والعدد عن طاعة الله ، حتى متم ودفنتم في المقابر . وقيل ألهاكم : أنساكم . التكاثر أي من الأموال والأولاد ، قاله ابن عباس والحسن . وقال قتادة : أي التفاخر بالقبائل والعشائر . وقال الضحاك : أي ألهاكم التشاغل بالمعاش والتجارة . يقال : لهيت عن كذا ( بالكسر ) ألهى لهيا ولهيانا : إذا سلوت عنه ، وتركت ذكره ، وأضربت عنه . وألهاه : أي شغله . ولهاه به تلهية أي علله . والتكاثر : المكاثرة .
قال مقاتل وقتادة وغيرهما : نزلت في اليهود حين قالوا : نحن أكثر من بني فلان ، وبنو فلان أكثر من بني فلان ، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا . وقال ابن زيد : نزلت في فخذ من الأنصار . وقال ابن عباس ومقاتل والكلبي : نزلت في حيين من قريش : بني عبد مناف ، وبني : سهم ، تعادوا وتكاثروا بالسادة والأشراف في الإسلام ، فقال كل حي منهم نحن أكثر سيدا ، وأعز عزيزا ، وأعظم نفرا ، وأكثر عائذا ، فكثر بنو عبد مناف سهما . ثم تكاثروا بالأموات ، فكثرتهم سهم ، فنزلت ألهاكم التكاثر بأحيائكم فلم ترضوا حتى زرتم المقابر مفتخرين بالأموات . وروى سعيد عن قتادة قال : كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان ، ونحن أعد من بني فلان ; وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم ، والله مازالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم . وعن عمرو بن دينار حلف أن هذه السورة نزلت في التجار . وعن شيبان عن قتادة قال : نزلت في أهل الكتاب .
قلت : الآية تعم جميع ما ذكر وغيره . وفي صحيح مسلم عن مطرف عن أبيه قال : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال : " يقول ابن آدم : مالي مالي ! وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت .
وروى البخاري عن ابن شهاب : أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لو أن لابن آدم واديا من ذهب ، لأحب أن يكون له واديان ، ولن يملأ فاه إلا التراب ، ويتوب الله على من تاب " . قال ثابت عن أنس عن أبي : كنا نرى هذا من القرآن ، حتى نزلت ألهاكم التكاثر . قال ابن العربي : وهذا نص صحيح مليح ، . غاب عن أهل التفسير فجهلوا والحمد لله على المعرفة . وقال ابن عباس : قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - ألهاكم التكاثر قال : " تكاثر الأموال : جمعها من غير حقها ، ومنعها من حقها ، وشدها في الأوعية " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features