إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)

مكية
( إنا أعطيناك الكوثر ) أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا علي بن مسهر عن المختار - يعني ابن فلفل - عن أنس قال : بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : أنزلت علي آنفا سورة ، فقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم : " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر " ، ثم قال : " أتدرون ما الكوثر " ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإنه نهر وعدنيه ربي - عز وجل - عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم فيختلج العبد منهم فأقول : رب إنه مني ، فيقول : ما تدري ما أحدث بعدك " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عمرو بن محمد ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر وعطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " الكوثر " : الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه . قال أبو بشر قلت لسعيد بن جبير : إن أناسا يزعمون أنه نهر في الجنة ؟ فقال سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه .
قال الحسن : هو القرآن العظيم .
قال عكرمة : النبوة والكتاب .
وقال أهل اللغة : الكوثر : فوعل [ من الكثرة ، كنوفل : فوعل ] من النفل والعرب تسمي كل شيء [ كثير في العدد أو ] كثير في القدر والخطر : كوثرا . والمعروف : أنه نهر في الجنة أعطاه الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث :
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن [ علي ] الكشميهني ، حدثنا علي بن حجر ، حدثنا إسماعيل بن جعفر ، حدثنا حميد عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : دخلت الجنة فإذا أنا بنهر يجري بياضه [ بياض ] اللبن وأحلى من العسل وحافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي فإذا الثرى مسك أذفر فقلت لجبريل : ما هذا ؟ قال الكوثر الذي أعطاكه الله - عز وجل - : .
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى الصلت ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الكوثر نهر في الجنة ، حافتاه الذهب مجراه على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وأشد بياضا من الثلج " . .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، حدثنا نافع [ بن عمر ، عن ] ابن أبي مليكة قال : قال عبد الله بن عمرو : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء ، من يشرب منها لم يظمأ أبدا " .
أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أخبرنا جدي عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، حدثنا عبد الرزاق ، أنا معمر عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " [ أنا عند عقر حوضي ] أذود الناس عنه لأهل اليمن " إني لأضربهم بعصاي حتى يرفضوا عنه " وإنه [ ليغت ] فيه ميزابان من الجنة ، أحدهما من ورق والآخر من ذهب طوله ما بين بصرى وصنعاء ، أو ما بين أيلة ومكة أو من مقامي هذا إلى عمان " .
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)

يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ممتنا عليه: { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ } أي: الخير الكثير، والفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، من النهر الذي يقال له { الكوثر } ومن الحوض
طوله شهر، وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته كنجوم السماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا.
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)

تفسير سورة الكوثر
وهي مكية في قول ابن عباس والكلبي ومقاتل
وهي ثلاث آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
إنا أعطيناك الكوثر
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : إنا أعطيناك الكوثر قراءة العامة . إنا أعطيناك بالعين . وقرأ الحسن وطلحة بن مصرف : ( أنطيناك ) بالنون ; وروته أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ; وهي لغة في العطاء ; أنطيته : أعطيته . والكوثر : فوعل من الكثرة ; مثل النوفل من النفل ، والجوهر من الجهر . والعرب تسمي كل شيء كثير في العدد والقدر والخطر كوثرا . قال سفيان : قيل لعجوز رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك ؟ قالت بكوثر ; أي بمال كثير . والكوثر من الرجال : السيد الكثير الخير . قال الكميت :
وأنت كثير يا بن مروان طيب وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
والكوثر : العدد الكثير من الأصحاب والأشياع . والكوثر من الغبار : الكثير . وقد تكوثر إذا كثر ; قال الشاعر :
وقد ثار نقع الموت حتى تكوثرا
الثانية : واختلف أهل التأويل في الكوثر الذي أعطيه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ستة عشر قولا :
الأول : أنه نهر في الجنة ; رواه البخاري عن أنس والترمذي أيضا وقد ذكرناه في كتاب التذكرة . وروى الترمذي أيضا عن ابن عمر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الكوثر : نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، تربته أطيب من المسك ، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج . هذا حديث حسن صحيح .
الثاني : أنه حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - في الموقف ; قاله عطاء . وفي صحيح مسلم عن أنس قال : بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أغفى إغفاءة ، ثم رفع رأسه متبسما فقلنا : ما أضحكك يا رسول الله ؟ قال : نزلت علي آنفا سورة - فقرأ - بسم الله الرحمن الرحيم : إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر - ثم قال - أتدرون ما الكوثر ؟ . قلنا الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي - عز وجل - ، عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم ، فيختلج العبد منهم فأقول إنه من أمتي ، فيقال إنك لا تدري ما أحدث بعدك .
والأخبار في حوضه في الموقف كثيرة ، ذكرناها في كتاب ( التذكرة ) . وأن على أركانه الأربعة خلفاءه الأربعة ; - رضوان الله عليهم - . وأن من أبغض واحدا منهم لم يسقه الآخر ، وذكرنا هناك من يطرد عنه . فمن أراد الوقوف على ذلك تأمله هناك . ثم يجوز أن يسمى ذلك النهر أو الحوض كوثرا ، لكثرة الواردة والشاربة من أمة محمد - عليه السلام - هناك . ويسمى به لما فيه من الخير الكثير والماء الكثير .
الثالث : أن الكوثر النبوة والكتاب ; قاله عكرمة .
الرابع : القرآن ; قاله الحسن .
الخامس : الإسلام ; حكاه المغيرة .
السادس : تيسير القرآن وتخفيف الشرائع ; قاله الحسين بن الفضل .
السابع : هو كثرة الأصحاب والأمة والأشياع ; قاله أبو بكر بن عياش ويمان بن رئاب .
الثامن : أنه الإيثار ; قاله ابن كيسان .
التاسع : أنه رفعة الذكر . حكاه الماوردي .
العاشر : أنه نور في قلبك دلك علي ، وقطعك عما سواي .
وعنه : هو الشفاعة ; وهو الحادي عشر .
وقيل : معجزات الرب هدي بها أهل الإجابة لدعوتك ; حكاه الثعلبي ، وهو الثاني عشر .
الثالث عشر : قال هلال بن يساف : هو لا إله إلا الله محمد رسول الله .
وقيل : الفقه في الدين . وقيل : الصلوات الخمس ; وهما الرابع عشر والخامس عشر . وقال ابن إسحاق : هو العظيم من الأمر ; وذكر بيت لبيد :
وصاحب ملحوب فجعنا بفقده وعند الرداع بيت آخر كوثر
أي عظيم .
قلت : أصح هذه الأقوال الأول والثاني ; لأنه ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص في الكوثر . وسمع أنس قوما يتذاكرون الحوض فقال : ما كنت أرى أن أعيش حتى أرى أمثالكم يتمارون في الحوض ، لقد تركت عجائز خلفي ، ما تصلي امرأة منهن إلا سألت الله أن يسقيها من حوض النبي - صلى الله عليه وسلم - . وفي حوضه يقول الشاعر :
يا صاحب الحوض من يدانيكا وأنت حقا حبيب باريكا
وجميع ما قيل بعد ذلك في تفسيره قد أعطيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيادة على حوضه ، - صلى الله عليه وسلم - تسليما كثيرا .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features