ذَٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ (182)
وأما قوله: " ذلك بما قدمت أيديكم "، أي: قولنا لهم يوم القيامة،" ذوقوا عذاب الحريق "، بما أسلفت أيديكم واكتسبتها أيام حياتكم في الدنيا، (10) وبأن الله عَدْل لا يجورُ فيعاقب عبدًا له بغير استحقاق منه العقوبةَ، ولكنه يجازي كل نفس بما كسبت، ويوفّي كل عامل جزاء ما عمل، فجازى الذين قال لهم [ذلك] يوم القيامة (11) = من اليهود الذين وصف صفتهم، فأخبر عنهم أنهم قالوا: إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ، وقتلوا الأنبياء بغير حق = بما جازاهم به من عذاب الحريق، بما اكتسبوا من الآثام، واجترحوا من السيئات، وكذبوا على الله بعد الإعذار إليهم بالإنذار. فلم يكن تعالى ذكره بما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب الحريق ظالمًا، ولا واضعًا عقوبته في غير أهلها. وكذلك هو جل ثناؤه، غيرُ ظلام أحدًا من خلقه، ولكنه العادل بينهم، والمتفضل على جميعهم بما أحبّ من فَوَاضله ونِعمه.
----------------------
الهوامش:
(10) انظر تفسير"بما قدمت أيديهم" فيما سلف 2: 367 ، 368.
(11) الزيادة بين القوسين لا بد منها لاستقامة الكلام ، ويعني بقوله: "الذي قال لهم ذلك" ، أي قال لهم: "ذوقوا عذاب الحريق". وسياق العبارة: "فجازى الذين قال لهم ذلك يوم القيامة. . . بما جازاهم به من عذاب الحريق".