سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)

( سندع الزبانية ) وهم ملائكة العذاب ، حتى يعلم من يغلب : أحزبنا أو حزبه .
قال البخاري : حدثنا يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الكريم الجزري ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي عند الكعبة لأطأن على عنقه . فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : " لئن فعله لأخذته الملائكة " . ثم قال : تابعه عمرو بن خالد ، عن عبيد الله - يعني ابن عمرو - ، عن عبد الكريم .
وكذا رواه الترمذي والنسائي في تفسيرهما من طريق عبد الرزاق به ، وهكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن زكريا بن عدي ، عن عبيد الله بن عمرو به .
وروى أحمد والترمذي وابن جرير - وهذا لفظه - من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند المقام ، فمر به أبو جهل بن هشام ، فقال : يا محمد ألم أنهك عن هذا ؟ - وتوعده - فأغلظ له رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتهره ، فقال : يا محمد بأي شيء تهددني ؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي ناديا ! فأنزل الله : ( فليدع ناديه سندع الزبانية ) قال ابن عباس : لو دعا ناديه لأخذته ملائكة العذاب من ساعته وقال الترمذي : حسن صحيح .
وقال الإمام أحمد أيضا : حدثنا إسماعيل بن زيد أبو يزيد ، حدثنا فرات ، عن عبد الكريم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال أبو جهل : لئن رأيت رسول الله يصلي عند الكعبة لآتينه حتى أطأ على عنقه . قال : فقال : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا ، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم من النار ، ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون مالا ولا أهلا " .
وقال ابن جرير أيضا : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يحيى بن واضح ، أخبرنا يونس بن أبي إسحاق ، عن الوليد بن العيزار ، عن ابن عباس ، قال : قال أبو جهل : لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه . فأنزل الله عز وجل : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق [ خلق الإنسان من علق ] ) حتى بلغ هذه الآية : ( لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع الزبانية ) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى فقيل : ما يمنعك ؟ قال : قد اسود ما بيني وبينه من الكتائب . قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن عبد الأعلى ، حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، حدثنا نعيم بن أبي هند ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ قالوا : نعم . قال : فقال : واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ليطأ على رقبته ، قال : فما فجأهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه ، قال : فقيل له : ما لك ؟ فقال : إن بيني وبينه خندقا من نار وهولا وأجنحة . قال : فقال رسول الله : " لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " . قال : وأنزل الله - لا أدري في حديث أبي هريرة أم لا - : ( كلا إن الإنسان ليطغى ) إلى آخر السورة .
وقد رواه أحمد بن حنبل ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم ، من حديث معتمر بن سليمان به .
سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18)

سندع الزبانية أي الملائكة الغلاظ الشداد - عن ابن عباس وغيره - واحدهم زبني ; قاله الكسائي . وقال الأخفش : زابن . أبو عبيدة : زبنية . وقيل : زباني . وقيل : هو اسم للجمع ; كالأبابيل والعباديد . وقال قتادة : هم الشرط في كلام العرب . وهو مأخوذ من الزبن وهو الدفع ; ومنه المزابنة في البيع . وقيل : إنما سموا الزبانية لأنهم يعملون بأرجلهم ، كما يعملون بأيديهم ; حكاه أبو الليث السمرقندي - رحمه الله - قال : وروي في الخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قرأ هذه السورة ، وبلغ إلى قوله تعالى : لنسفعا بالناصية قال أبو جهل : أنا أدعو قومي حتى يمنعوا عني ربك . فقال الله تعالى : فليدع ناديه سندع الزبانية . فلما سمع ذكر الزبانية رجع فزعا ; فقيل له : خشيت منه قال لا ولكن رأيت عنده فارسا يهددني بالزبانية . فما أدري ما الزبانية ، ومال إلي الفارس ، فخشيت منه أن يأكلني . وفي الأخبار أن الزبانية رءوسهم في السماء وأرجلهم في الأرض ، فهم يدفعون الكفار في جهنم وقيل : إنهم أعظم الملائكة خلقا ، وأشدهم بطشا . والعرب تطلق هذا الاسم على من اشتد بطشه . قال الشاعر :
مطاعيم في القصوى مطاعين في الوغى زبانية غلب عطام حلومها
وعن عكرمة عن ابن عباس : سندع الزبانية قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا " . قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب . وروى عكرمة عن ابن عباس قال : مر أبو جهل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي عند المقام ، فقال : ألم أنهك عن هذا يا محمد فأغلظ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; فقال أبو جهل : بأي شيء تهددني يا محمد ، والله إني لأكثر أهل الوادي هذا ناديا ; فأنزل الله - عز وجل - : فليدع ناديه سندع الزبانية . قال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب من ساعته . أخرجه الترمذي بمعناه ، وقال : حسن غريب صحيح . والنادي في كلام العرب : المجلس الذي ينتدي فيه القوم ; أي يجتمعون ، والمراد أهل النادي ; كما قال جرير :
لهم مجلس صهب السبال أذلة سواسية أحرارها وعبيدها
وقال زهير :
وفيهم مقامات حسان وجوههم وأندية ينتابها القول والفعل
وقال آخر [ المهلهل ] :
[ نبئت أن النار بعدك أوقدت ] واستب بعدك يا كليب المجلس
وقد ناديت الرجل أناديه إذا جالسته . قال زهير :
وجار البيت والرجل المنادي أمام الحي عقدهما سواء
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features