قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68)

يقول تعالى ذكره: قال بعض قوم إبراهيم لبعض: حرّقوا إبراهيم بالنار ( وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) يقول: إن كنتم ناصريها، ولم تريدوا ترك عبادتها.
وقيل: إن الذي قال ذلك رجل من أكراد فارس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد، في قوله: ( حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ ) قال: قالها رجل من أعراب فارس، يعني الأكراد.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قال: أخبرني وهب بن سليمان، عن شعيب الجبئي، قال: إن الذي قال حرّقوه " هيزن " فخسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: أجمع نمرود وقومه في إبراهيم فقالوا( حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ) أي لا تنصروها منه إلا بالتحريق بالنار إن كنتم ناصريها.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن الحسن بن دينار، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، قال: تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر، فقال: أتدري يا مجاهد من الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار؟ قال: قلت لا قال: رجل من أعراب فارس. قلت: يا أبا عبد الرحمن، أو هل للفرس أعراب؟ قال: نعم الكرد هم أعراب فارس، فرجل منهم هو الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار.
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68)

فحينئذ لما أفحمهم، ولم يبينوا حجة، استعملوا قوتهم في معاقبته، فـ { قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ْ} أي: اقتلوه أشنع القتلات، بالإحراق، غضبا لآلهتكم، ونصرة لها. فتعسا لهم تعسا، حيث عبدوا من أقروا أنه يحتاج إلى نصرهم، واتخذوه إلها
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68)

قوله تعالى : قالوا حرقوه لما انقطعوا بالحجة أخذتهم عزة بإثم وانصرفوا إلى طريق الغشم والغلبة وقالوا حرقوه . روي أن قائل هذه المقالة هو رجل من الأكراد من أعراب فارس ؛ أي من باديتها ؛ قال ابن عمرو ومجاهد وابن جريج . ويقال : اسمه هيزر فخسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة . وقيل : بل قاله ملكهم نمرود . وانصروا آلهتكم بتحريق إبراهيم لأنه يسبها ويعيبها . وجاء في الخبر : أن نمرود بنى صرحا طوله ثمانون ذراعا وعرضه أربعون ذراعا . قال ابن إسحاق : وجمعوا الحطب شهرا ثم أوقدوها ، واشتعلت واشتدت ، حتى إن كان الطائر ليمر بجنباتها فيحترق من شدة وهجها . ثم قيدوا إبراهيم ووضعوه في المنجنيق مغلولا . ويقال : إن إبليس صنع لهم المنجنيق يومئذ . فضجت السماوات والأرض ومن فيهن من الملائكة وجميع الخلق ، إلا الثقلين ضجة واحدة : ربنا ! إبراهيم ليس في الأرض أحد يعبدك غيره يحرق فيك فأذن لنا في نصرته . فقال الله تعالى : " إن استغاث بشيء منكم أو دعاه فلينصره فقد أذنت له في ذلك وإن لم يدع غيري فأنا أعلم به وأنا وليه " فلما أرادوا إلقاءه في النار ، أتاه خزان الماء - وهو في الهواء - فقالوا : يا إبراهيم إن أردت أخمدنا النار بالماء . فقال : لا حاجة لي إليكم . وأتاه ملك الريح فقال : لو شئت طيرت النار . فقال : لا . ثم رفع رأسه إلى السماء فقال : " اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض ليس أحد يعبدك غيري حسبي الله ونعم الوكيل " . وروى أبي بن كعب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن إبراهيم حين قيدوه ليلقوه في النار ، قال : لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك لك ، قال : ثم رموا به في المنجنيق من مضرب شاسع ، فاستقبله جبريل ؛ فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : " أما إليك فلا " . فقال جبريل : فاسأل ربك . فقال : " حسبي من سؤالي علمه بحالي " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features