هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)

القول في تأويل قوله تعالى : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)
يعني جلّ ذكره بقوله ( هُوَ الَّذِي أَنـزلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) الله أنـزل السكون والطمأنينة في قلوب المؤمنين بالله ورسوله إلى الإيمان, والحقّ الذي بعثك الله به يا محمد. وقد مضى ذكر اختلاف أهل التأويل في معنى السكينة قبل, والصحيح من القول في ذلك بالشواهد المغنية, عن إعادتها في هذا الموضع.
( لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ) يقول: ليزدادوا بتصديقهم بما جدّد الله من الفرائض التي ألزمهموها, التي لم تكن لهم لازمة ( إيمانا مع إيمانهم ) يقول: ليزدادوا إلى إيمانهم بالفرائض التي كانت لهم لازمة قبل ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ, عن ابن عباس, في قوله ( هُوَ الَّذِي أَنـزلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: السكينة: الرحمة ( لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ) قال: إن الله جلّ ثناؤه بعث نبيه محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بشهادة أن لا إله إلا الله, فلما صدّقوا بها زادهم الصلاة, فلما صدّقوا بها زادهم الصيام, فلما صدّقوا به زادهم الزكاة, فلما صدّقوا بها زادهم الحجّ, ثم أكمل لهم دينهم, فقال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي قال ابن عباس: فأوثق إيمان أهل الأرض وأهل &; 22-204 &; السموات وأصدقه وأكمله شهادة أن لا إله إلا الله.
وقوله ( وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول تعالى ذكره: ولله جنود السموات والأرض أنصار ينتقم بهم ممن يشاء من أعدائه ( وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) يقول تعالى ذكره: ولم يزل الله ذا علم بما هو كائن قبل كونه, وما خلقه عاملوه, حكيما في تدبيره.
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)

يخبر تعالى عن منته على المؤمنين بإنزال السكينة في قلوبهم، وهي السكون والطمأنينة، والثبات عند نزول المحن المقلقة، والأمور الصعبة، التي تشوش القلوب، وتزعج الألباب، وتضعف النفوس، فمن نعمة الله على عبده في هذه الحال أن يثبته ويربط على قلبه، وينزل عليه السكينة، ليتلقى هذه المشقات بقلب ثابت ونفس مطمئنة، فيستعد بذلك لإقامة أمر الله في هذه الحال، فيزداد بذلك إيمانه، ويتم إيقانه، فالصحابة رضي الله عنهم لما جرى ما جرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركين، من تلك الشروط التي ظاهرها أنها غضاضة عليهم، وحط من أقدارهم، وتلك لا تكاد تصبر عليها النفوس، فلما صبروا عليها ووطنوا أنفسهم لها، ازدادوا بذلك إيمانا مع إيمانهم. وقوله: { وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي: جميعها في ملكه، وتحت تدبيره وقهره، فلا يظن المشركون أن الله لا ينصر دينه ونبيه، ولكنه تعالى عليم حكيم، فتقتضي حكمته المداولة بين الناس في الأيام، وتأخير نصر المؤمنين إلى وقت آخر.
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)

قوله تعالى : هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما .
السكينة : السكون والطمأنينة . قال ابن عباس : كل سكينة في القرآن هي الطمأنينة إلا التي في ( البقرة ) وتقدم معنى زيادة الإيمان في آل عمران قال ابن عباس : بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهادة أن لا إله إلا الله ، فلما صدقوه فيها زادهم الصلاة ، فلما صدقوه زادهم الزكاة ، فلما صدقوه زادهم الصيام ، فلما صدقوه زادهم الحج ، ثم أكمل لهم دينهم ، فذلك قوله : ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم أي : تصديقا بشرائع الإيمان مع تصديقهم بالإيمان . وقال الربيع بن أنس : خشية مع خشيتهم . وقال الضحاك : يقينا مع يقينهم . ولله جنود السماوات والأرض قال ابن عباس : يريد الملائكة والجن والشياطين والإنس وكان الله عليما بأحوال خلقه حكيما فيما يريده .
هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)

( هو الذي أنزل السكينة ) الطمأنينة والوقار ( في قلوب المؤمنين ) لئلا تنزعج نفوسهم لما يرد عليهم . قال ابن عباس : كل سكينة في القرآن فهي طمأنينة إلا التي في سورة البقرة ( ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) .
قال ابن عباس : بعث الله رسوله بشهادة أن لا إله إلا الله ، فلما صدقوه زادهم الصلاة ثم الزكاة ثم الصيام ثم الحج ثم الجهاد ، حتى أكمل لهم دينهم ، فكلما أمروا بشيء فصدقوه ازدادوا تصديقا إلى تصديقهم .
وقال الضحاك : يقينا مع يقينهم .
قال الكلبي : هذا في أمر الحديبية حين صدق الله رسوله الرؤيا بالحق .
( ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما ) .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features