أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)

وقوله: (أمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) يقول تعالى ذكره: يقول المشركون بالله: اختلق هذا الكتاب محمد من قبل نفسه، وتكذّبه، و (أم) هذه تقرير، وقد بيَّنا في غير موضع من كتابنا، أن العرب إذا اعترضت بالاستفهام في أضعاف كلام قد تقدّم بعضه أنه يستفهم بأم. وقد زعم بعضهم أن معنى ذلك: ويقولون. وقال: أم بمعنى الواو، بمعنى بل في مثل هذا الموضع، ثم أكذبهم تعالى ذكره فقال: ما هو كما تزعمون وتقولون من أن محمدا افتراه، بل هو الحقّ والصدق من عند ربك يا محمد، أنـزله إليك؛ لتنذر قوما بأس الله وسطوته، أن يحلّ بهم على كفرهم به (ما أتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ منْ قَبْلكَ) يقول: لم يأت هؤلاء القوم الذين أرسلك ربك يا محمد إليهم، وهم قومه من قريش، نذير ينذرهم بأس الله على كفرهم قبلك. وقوله: (لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) يقول: ليتبيَّنوا سبيل الحقّ فيعرفوه ويؤمنوا به.
وبمثل الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة ( لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: كانوا أمَّة أمِّيَّة، لم يأتهم نذير قبل محمد صلى الله عليه وسلم.
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۚ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (3)

قوله تعالى : أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون .
قوله تعالى : ( أم يقولون افتراه ) هذه ( أم ) المنقطعة التي تقدر ببل وألف الاستفهام ; أي بل أيقولون . وهي تدل على خروج من حديث إلى حديث ; فإنه عز وجل أثبت أنه تنزيل من رب العالمين ، وأن ذلك مما لا ريب فيه ، ثم أضرب عن ذلك إلى قوله : أم يقولون افتراه أي افتعله واختلقه . بل هو الحق من ربك كذبهم في دعوى الافتراء لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون قال قتادة : يعني قريشا ، كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير من قبل محمد صلى الله عليه وسلم . و ( لتنذر ) متعلق بما قبلها فلا يوقف على من ربك . ويجوز أن يتعلق بمحذوف ; التقدير : أنزله لتنذر قوما ، فيجوز الوقف على من ربك . و ( ما ) في قوله ( ما أتاهم ) نفي . ( من نذير ) صلة . و ( نذير ) في محل الرفع ، وهو المعلم المخوف . وقيل : المراد بالقوم أهل الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام ; قاله ابن عباس ومقاتل . وقيل : كانت الحجة ثابتة لله جل وعز عليهم بإنذار من تقدم من الرسل وإن لم يروا رسولا ; وقد تقدم هذا المعنى .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features