وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)
يعني تعالى ذكره بقوله: ( وَلَكِنَّا أَنْشَأْنَا قُرُونًا ) ولكنا خلقنا أمما فأحدثناها من بعد ذلك ( فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ) وقوله: ( وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ) يقول: وما كنت مقيما في أهل مدين, يقال: ثويت بالمكان أثْوِي به ثَواء, قال أعشى ثعلبة:
أَثْــوَى وَقَصَّــرَ لَيْلَــهُ لِــيُزَوَّدُا
فَمَضَـى وَأَخْـلَفَ مِـنْ قُتَيْلَـةَ مَوْعِدَا (1)
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَمَا كُنْتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ) قال: الثاوي: المقيم ( تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) يقول: تقرأ عليهم كتابنا( وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) يقول: لم تشهد شيئا من ذلك يا محمد, ولكنا كنا نحن نفعل ذلك ونرسل الرسل.
وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)

ولكنا أنشأنا قرونا أي من بعد موسى فتطاول عليهم العمر حتى نسوا ذكر الله أي عهده وأمره . نظيره : فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم . وظاهر هذا يوجب أن يكون جرى لنبينا عليه السلام ذكر في ذلك الوقت ، وأن الله سيبعثه ، ولكن طالت المدة ، وغلبت القسوة ، فنسي القوم ذلك وقيل : آتينا موسى الكتاب وأخذنا على قومه العهود ، ثم تطاول العهد فكفروا ، فأرسلنا محمدا مجددا للدين وداعيا الخلق إليه وما كنت ثاويا في أهل مدين أي مقيما كمقام موسى وشعيب بينهم قال العجاج :
فبات حيث يدخل الثوي
أي الضيف المقيم .
تتلو عليهم آياتنا أي تذكرهم بالوعد والوعيد ( ولكنا كنا مرسلين ) أي أرسلناك في أهل مكة ، وآتيناك كتابا فيه هذه الأخبار ، ولولا ذلك لما علمتها .
وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ۚ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (45)

( ولكنا أنشأنا قرونا ) خلقنا أمما بعد موسى عليه السلام ، ( فتطاول عليهم العمر ) أي : طالت عليهم المهلة فنسوا عهد الله وتركوا أمره ، وذلك أن الله تعالى قد عهد إلى موسى وقومه عهودا في محمد - صلى الله عليه وسلم - والإيمان به ، فلما طال عليهم العمر وخلفت القرون بعد القرون نسوا تلك العهود وتركوا الوفاء بها . ( وما كنت ثاويا ) مقيما ، ( في أهل مدين ) كمقام موسى وشعيب فيهم ، ( تتلو عليهم آياتنا ) تذكرهم بالوعد والوعيد ، قال مقاتل : يقول لم تشهد أهل مدين فتقرأ على أهل مكة خبرهم ، ( ولكنا كنا مرسلين ) أي : أرسلناك رسولا وأنزلنا عليك كتابا فيه هذه الأخبار ، فتتلوها عليهم ولولا ذلك لما علمتها ولم تخبرهم بها .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features