أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)

القول في تأويل قوله تعالى : أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)
يقول تعالى ذكره: (ألَمْ تَرَ) يا محمد بعينك (أنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ) يقول: يزيد من نقصان ساعات الليل في ساعات النهار (وَيُولجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يقول: يزيد ما نقص من ساعات النهار في ساعات اللَّيل.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ ) نقصان الليل في زيادة النهار (وَيُولجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) نقصان النهار في زيادة الليل.
وقوله: (وَسَخَّر الشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إلى أجَل مُسَمًّى) يقول تعالى ذكره : وسخر الشمس والقمر لمصالح خلقه ومنافعهم، (كلٌّ يجري) يقول: كلّ ذلك يجري بأمره إلى وقت معلوم، وأجل محدود إذا بلغه كوّرت الشمس والقمر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: ( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) يقول: لذلك كله وقت وحد معلوم، لا يجاوزه ولا يعدوه.
وقوله: (وَأنَّ اللهَ بمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) يقول: وإن الله بأعمالكم أيها الناس من خير أو شرّ ذو خبرة وعلم، لا يخفى عليه منها شيء، وهو مجازيكم على جميع ذلك، وخرج هذا الكلام خطابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والمعنيّ به المشركون، وذلك &; 20-155 &; أنه تعالى ذكره: نبه بقوله: ( أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ) على موضع حجته من جهل عظمته، وأشرك في عبادته معه غيره، يدلّ على ذلك قوله: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ .
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)

يخبر تعالى أنه ( يولج الليل في النهار ) بمعنى : يأخذ منه في النهار ، فيطول ذلك ويقصر هذا ، وهذا يكون زمن الصيف يطول النهار إلى الغاية ، ثم يسرع في النقص فيطول الليل ويقصر النهار ، وهذا يكون في زمن الشتاء ، ( وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى ) قيل : إلى غاية محدودة . وقيل : إلى يوم القيامة . وكلا المعنيين صحيح ، ويستشهد للقول الأول بحديث أبي ذر ، رضي الله عنه ، الذي في الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يا أبا ذر ، أتدري أين تذهب هذه الشمس ؟ " . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنها تذهب فتسجد تحت العرش ، ثم تستأذن ربها فيوشك أن يقال لها : ارجعي من حيث جئت " .
وقال ابن أبي الحاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو صالح ، حدثنا يحيى بن أيوب ، عن ابن جريج ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس أنه قال : الشمس بمنزلة الساقية ، تجري بالنهار في السماء في فلكها ، فإذا غربت جرت بالليل في فلكها تحت الأرض حتى تطلع من مشرقها ، قال : وكذلك القمر . إسناده صحيح .
وقوله : ( وأن الله بما تعملون خبير ) ، كقوله : ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض ) [ الحج : 70 ] . ومعنى هذا : أنه تعالى الخالق العالم بجميع الأشياء ، كقوله : ( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) [ الطلاق : 12 ] .
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)

"ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير".
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (29)

قوله تعالى : ألم تر أن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل تقدم في ( الحج وآل عمران ) وسخر الشمس والقمر أي ذللهما بالطلوع والأفول تقديرا للآجال وإتماما للمنافع . كل يجري إلى أجل مسمى قال الحسن : إلى يوم القيامة . قتادة : إلى وقته في طلوعه وأفوله لا يعدوه ولا يقصر عنه . وأن الله بما تعملون خبير أي من قدر على هذه الأشياء فلا بد من أن يكون عالما بها ، والعالم بها عالم بأعمالكم . وقراءة العامة تعملون بالتاء على الخطاب . وقرأ السلمي ونصر بن عاصم والدوري عن أبي عمرو بالياء على الخبر .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features