إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)

وقوله ( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ) يقول تعالى ذكره: إنه تواب إلى الله من خطيئته التي أخطأها, إذ عرض عليه بالعشي الصافنات; فإذ من صلة أواب, والصافنات: جمع الصافن من الخيل, والأنثى: صافنة, والصافن منها عند بعض العرب: الذي يجمع بين يديه, ويثني طرف سنبك إحدى رجليه, وعند آخرين: الذي يجمع يديه. وزعم الفرّاء أن الصافن: هو القائم, يقال منه: صَفَنَتِ الخيلُ تَصْفِن صُفُونًا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ) قال: صُفُون الفرس: رَفْع إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر.
حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: صَفَنَ الفرسُ: رفع إحدى يديه حتى يكون على طرف الحافر.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ) يعني: الخيل, وصُفونها: قيامها وبَسْطها قوائمها.
حدثنا محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ: الصافنات, قال: الخيل.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ) قال: الخيل أخرجها الشيطان لسليمان, من مرج من مروج البحر. قال: الخيل والبغال والحمير تَصْفِن, والصَّفْن (1)
أن تقوم على ثلاث, وترفع رجلا واحدة حتى يكون طرف الحافر على الأرض.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد: الصافنات: الخيل, وكانت لها أجنحة.
وأما الجياد, فإنها السِّراع, واحدها: جواد.
كما حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قاله. ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: الجياد: قال: السِّراع.
وذُكر أنها كانت عشرين فرسا ذوات أجنحة.
* ذكر الخبر بذلك:
حدثنا محمد بن بشار, قال: ثنا مؤمل, قال: ثنا سفيان, عن أبيه, عن إبراهيم التيمي, في قوله ( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ ) قال: كانت عشرين فرسا ذات أجنحة.
-------------------
الهوامش :
(1) لم نجد" الصفن" بسكون الفاء مصدرا لصفنت الخيل ، وإنما مصدره الصفون مثل جلس يجلس جلوسا ، وهو القياس ، لأن الفعل لازم ، والصفن : مصدر للمعتدي .
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)

قوله عز وجل : ( ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ) .
قال الكلبي : غزا سليمان أهل دمشق ونصيبين ، فأصاب منهم ألف فرس .
وقال مقاتل : ورث من أبيه داود ألف فرس .
وقال عوف عن الحسن : بلغني أنها كانت خيلا أخرجت من البحر لها أجنحة .
قالوا : فصلى سليمان الصلاة الأولى ، وقعد على كرسيه وهي تعرض عليه ، فعرضت عليه تسعمائة ، فتنبه لصلاة العصر فإذا الشمس قد غربت ، وفاتته الصلاة ، ولم يعلم بذلك فاغتم لذلك هيبة لله ، فقال : ردوها علي ، فردوها عليه ، فأقبل يضرب سوقها وأعناقها بالسيف تقربا إلى الله - عز وجل - وطلبا لمرضاته ، حيث اشتغل بها عن طاعته ، وكان ذلك مباحا له وإن كان حراما علينا ، كما أبيح لنا ذبح بهيمة الأنعام ، وبقي منها مائة فرس ، فما بقي في أيدي الناس اليوم من الخيل يقال من نسل تلك المائة .
قال الحسن : فلما عقر الخيل أبدله الله - عز وجل - خيرا منها وأسرع ، وهي الريح تجري بأمره كيف يشاء .
وقال إبراهيم التيمي : كانت عشرين فرسا . وعن عكرمة : كانت عشرين ألف فرس ، لها أجنحة .
قال الله تعالى : ( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد ) " والصافنات " : هي الخيل القائمة على ثلاث قوائم وأقامت واحدة على طرف الحافر من يد أو رجل ، يقال : صفن الفرس يصفن صفونا : إذا قام على ثلاثة قوائم ، وقلب أحد حوافره . وقيل : الصافن في اللغة القائم . وجاء في الحديث : " من سره أن يقوم له الرجال صفونا فليتبوأ مقعده من النار " أي قياما . والجياد : الخيار السراع ، واحدها جواد .
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : يريد الخيل السوابق .
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)

لما عرضت عليه الخيل الجياد السبق الصافنات أي: التي من وصفها الصفون، وهو رفع إحدى قوائمها عند الوقوف، وكان لها منظر رائق، وجمال معجب، خصوصا للمحتاج إليها كالملوك، فما زالت تعرض عليه حتى غابت الشمس في الحجاب، فألهته عن صلاة المساء وذكره.
إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ (31)

. إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد يعني الخيل ، جمع جواد ، للفرس إذا كان شديد الحضر ، كما يقال للإنسان جواد إذا كان كثير العطية غزيرها ، يقال : قوم أجواد وخيل جياد ، جاد الرجل بماله يجود جودا فهو جواد ، وقوم جود مثال قذال وقذل ، وإنما سكنت الواو لأنها حرف علة ، وأجواد وأجاود وجوداء ، وكذلك امرأة جواد ونسوة جود مثل نوار ونور ، قال الشاعر : [ هو أبو شهاب الهذلي ]
صناع بإشفاها حصان بشكرها جواد بقوت البطن والعرق زاخر
وتقول : سرنا عقبة جوادا ، وعقبتين جوادين ، وعقبا جيادا . وجاد الفرس أي : صار رائعا يجود جودة بالضم فهو جواد للذكر والأنثى ، من خيل جياد وأجياد وأجاويد . وقيل : إنها الطوال الأعناق مأخوذ من الجيد وهو العنق ; لأن طول الأعناق في الخيل من صفات فراهتها . وفي الصافنات أيضا وجهان : أحدهما أن صفونها قيامها . قال القتبي والفراء : الصافن في كلام العرب الواقف من الخيل أو غيرها . ومنه ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من سره أن يقوم له الرجال صفونا فليتبوأ مقعده من النار أي : يديمون له القيام ، حكاه قطرب أيضا وأنشد قول النابغة :
لنا قبة مضروبة بفنائها عتاق المهارى والجياد الصوافن
وهذا قول قتادة . الثاني : أن صفونها رفع إحدى اليدين على طرف الحافر حتى يقوم على ثلاث ، كما قال الشاعر :
ألف الصفون فما يزال كأنه مما يقوم على الثلاث كسيرا
وقال عمرو بن كلثوم :
تركنا الخيل عاكفة عليه مقلدة أعنتها صفونا
وهذا قول مجاهد . قال الكلبي : غزا سليمان أهل دمشق ونصيبين فأصاب منهم ألف فرس . وقال مقاتل : ورث سليمان من أبيه داود ألف فرس ، وكان أبوه أصابها من العمالقة . وقال الحسن : بلغني أنها كانت خيلا خرجت من البحر لها أجنحة . وقاله الضحاك . وأنها كانت خيلا أخرجت لسليمان من البحر منقوشة ذات أجنحة . ابن زيد : أخرج الشيطان لسليمان الخيل من البحر من مروج البحر ، وكانت لها أجنحة . وكذلك قال علي - رضي الله عنه - : كانت عشرين فرسا ذوات أجنحة . وقيل : كانت مائة فرس . وفي الخبر عن إبراهيم التيمي : أنها كانت عشرين ألفا ، فالله أعلم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features