وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)

أي: وكم من قرية من قرى المكذبين، هي أشد قوة من قريتك، في الأموال والأولاد والأعوان، والأبنية والآلات.
{ أهلكناهم } حين كذبوا رسلنا، ولم تفد فيهم المواعظ، فلا نجد لهم ناصرا، ولم تغن عنهم قوتهم من عذاب الله شيئا.
فكيف حال هؤلاء الضعفاء، أهل قريتك، إذ أخرجوك عن وطنك وكذبوك، وعادوك، وأنت أفضل المرسلين، وخير الأولين والآخرين؟!
أليسوا بأحق من غيرهم بالإهلاك والعقوبة، لولا أن الله تعالى بعث رسوله بالرحمة والتأني بكل كافر وجاحد؟
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ (13)
يقول تعالى ذكره: وكم يا محمد من قرية هي أشد قوة من قريتك, يقول أهلها أشدّ بأسا, وأكثر جمعا, وأعدّ عديدا من أهل قريتك, وهي مكة, وأخرج الخبر عن القرية, والمراد به أهلها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ ) قال: هي مكة.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة في قوله ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ ) قال: قريته مكة.
حدثنا ابن عبد الأعلى, قال: ثنا المعتمر بن سليمان, عن أبيه, عن حبيش, عن عكرمة, عن ابن عباس " أن نبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , لما خرج من مكة إلى الغار, أراه قال: التفت إلى مكة, فقال: أَنْتِ أحَبُّ بِلادِ الله إلى الله, وأنْتِ أحَبُّ بِلادِ الله إليَّ, فَلَوْ أنَّ المُشْركِينَ لَمْ يُخْرِجُوني لَمْ أخْرُجْ مِنْكِ, فَأعْتَى الأعْداءِ مَنْ عَتا على الله في حَرَمِهِ, أوْ قَتَلَ غيرَ قاتِلِهِ, أوْ قَتَلَ بذُحُول الجاهِلِيَّةِ", فأنـزل الله تبارك وتعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ ) وقال جل ثناؤه: أخرجتك, فأخرج الخبر عن القرية, فلذلك أُنِّث، ثم قال: أهلكناهم, لأن المعنى في قوله أخرجتك, ما وصفت من أنه أريد به أهل القرية, فأخرج الخبر مرّة على اللفظ, ومرّة على المعنى .
وقوله ( فَلا نَاصِرَ لَهُمْ ) فيه وجهان من التأويل: أحدهما أن يكون معناه, وإن كان قد نصب الناصر بالتبرئة, فلم يكن لهم ناصر, وذلك أن العرب قد تضمر كان أحيانا في مثل هذا. والآخر أن يكون معناه: فلا ناصر لهم الآن من عذاب الله ينصرهم.
وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ (13)

( وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك ) أي أخرجك أهلها ، قال ابن عباس : كم رجال هم أشد من أهل مكة ؟ يدل عليه قوله : ( أهلكناهم ) ولم يقل : أهلكناها ( فلا ناصر لهم ) قال ابن عباس : لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال : " أنت أحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إلي ولو أن المشركين لم يخرجوني لم أخرج منك " فأنزل الله هذه الآية .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features