لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)

تفسير الآيتين 101 و102 :ـ
وأما المسيح، وعزير، والملائكة ونحوهم، ممن عبد من الأولياء، فإنهم لا يعذبون فيها، ويدخلون في قوله: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى } أي: سبقت لهم سابقة السعادة في علم الله، وفي اللوح المحفوظ وفي تيسيرهم في الدنيا لليسرى والأعمال الصالحة.
{ أُولَئِكَ عَنْهَا } أي: عن النار { مُبْعَدُونَ } فلا يدخلونها، ولا يكونون قريبا منها، بل يبعدون عنها، غاية البعد، حتى لا يسمعوا حسيسها، ولا يروا شخصها، { وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ } من المآكل، والمشارب، والمناكح والمناظر، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، مستمر لهم ذلك، يزداد حسنه على الأحقاب.
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)

يقول تعالى ذكره: لا يسمع هؤلاء الذين سبقت لهم منا الحسنى حَسيس النار ، ويعني بالحسيس: الصوت والحسّ.
فإن قال قائل: فكيف لا يسمعون حسيسها ، وقد علمت ما روي من أن جهنم يؤتى بها يوم القيامة فتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلا جثا على ركبتيه خوفا منها؟ قيل: إن الحال التي لا يسمعون فيها حسيسها هي غير تلك الحال ، بل هي الحال التي حدثني محمد بن سعد ، قال: ثني أبي ، قال: ثنى عمي ، قال: ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) يقول: لا يسمع أهل الجنة حسيس النار إذا نـزلوا منـزلهم من الجنة.
وقوله ( وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ) يقول: وهم فيما تشتهيه نفوسهم من نعيمها ولذاتها ماكثون فيها ، لا يخافون زوالا عنها ولا انتقالا عنها.
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)

( لا يسمعون حسيسها ) يعني صوتها وحركة تلهبها إذا نزلوا منازلهم في الجنة والحس والحسيس الصوت الخفي : ( وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ) مقيمون كما قال ( وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ) ( الزخرف 71 ) .
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ۖ وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)

قوله تعالى : لا يسمعون حسيسها أي حس النار وحركة لهبها . والحسيس والحس الحركة . وروى ابن جريج عن عطاء قال : قال أبو راشد الحروري لابن عباس : لا يسمعون حسيسها فقال ابن عباس : أمجنون أنت ؟ فأين قوله تعالى : وإن منكم إلا واردها وقوله تعالى : فأوردهم النار وقوله : إلى جهنم وردا . ولقد كان من دعاء من مضى : اللهم أخرجني من النار سالما ، وأدخلني الجنة فائزا . وقال أبو عثمان النهدي : على الصراط حيات تلسع أهل النار فيقولون : حس حس . وقيل : إذا دخل أهل الجنة لم يسمعوا حس أهل النار وقبل ذلك يسمعون ؛ فالله أعلم وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون أي دائمون وهم فيما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين . وقال ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features