فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

{ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ } أي: اصفح عنهم ما يأتيك من أذيتهم القولية والفعلية، واعف عنهم، ولا يبدر منك لهم إلا السلام الذي يقابل به أولو الألباب والبصائر الجاهلين، كما قال تعالى عن عباده الصالحين: {وإذا خاطبهم الجاهلون } أي: خطابا بمقتضى جهلهم { قالوا سلاما } فامتثل صلى اللّه عليه وسلم، لأمر ربه، وتلقى ما يصدر إليه من قومه وغيرهم من الأذى، بالعفو والصفح، ولم يقابلهم عليه إلا بالإحسان إليهم والخطاب الجميل.
فصلوات اللّه وسلامه على من خصه اللّه بالخلق العظيم، الذي فضل به أهل الأرض والسماء، وارتفع به أعلى من كواكب الجوزاء.
وقوله: {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} أي: غِبَّ ذنوبهم، وعاقبة جرمهم.
تم تفسير سورة الزخرف
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

القول في تأويل قوله تعالى : فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم, جوابا له عن دعائه إياه إذ قال: " يا ربّ إن هؤلاء قوم لا يؤمنون "( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) يا محمد, وأعرض عن أذاهم ( وَقُلْ ) لهم ( سَلام ) عليكم ورفع سلام بضمير عليكم أو لكم.
واختلف القرّاء في قراءة قوله: ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة " فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ" بالتاء على وجه الخطاب, بمعنى: أمر الله عزّ وجلّ نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يقول ذلك للمشركين, مع قوله: ( سَلام ) وقرأته عامة قرّاء الكوفة وبعض قرّاء مكة ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) بالياء على وجه الخبر, وأنه وعيد من الله للمشركين, فتأويله على هذه القراءة: ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ ) يا محمد ( وَقُلْ سَلام ). ثم ابتدأ تعالى ذكره الوعيد لهم, فقال ( فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) ما يلقون من البلاء والنكال والعذاب على كفرهم, ثم نسخ الله جلّ ثناؤه هذه الآية, وأمر نبيَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بقتالهم.
كما حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ ) قال: اصفح عنهم, ثم أمره بقتالهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قال الله تبارك وتعالى يعزّي نبيه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون ).
آخر تفسير سورة الزخرف
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

( فاصفح عنهم ) أعرض عنهم ( وقل سلام ) معناه : المتاركة ، كقوله تعالى : " سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين " ( القصص - 55 ( فسوف يعلمون ) قرأ أهل المدينة والشام بالتاء ، والباقون بالياء ، قال مقاتل : نسختها آية السيف .
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

وقوله : ( فاصفح عنهم ) أي : المشركين ، ( وقل سلام ) أي : لا تجاوبهم بمثل ما يخاطبونك به من الكلام السيئ ، ولكن تألفهم واصفح عنهم فعلا وقولا ( فسوف يعلمون ) ، هذا تهديد منه تعالى لهم ، ولهذا أحل بهم بأسه الذي لا يرد ، وأعلى دينه وكلمته ، وشرع بعد ذلك الجهاد والجلاد ، حتى دخل الناس في دين الله أفواجا ، وانتشر الإسلام في المشارق والمغارب .
آخر تفسير سورة الزخرف
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ ۚ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89)

قوله تعالى : فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون .
قال قتادة : أمر بالصفح عنهم ثم أمره بقتالهم ، فصار الصفح منسوخا بالسيف . ونحوه عن ابن عباس قال : فاصفح عنهم أعرض عنهم . وقل سلام أي : معروفا ، أي : قل للمشركين أهل مكة ( فسوف تعلمون ) ثم نسخ هذا في سورة ( براءة ) بقوله تعالى : فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم الآية . وقيل : هي محكمة لم تنسخ . وقراءة العامة ( فسوف يعملون ) ( بالياء ) على أنه خبر من الله تعالى لنبيه بالتهديد . وقرأ نافع وابن عامر ( تعلمون ) ( بالتاء ) على أنه من خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين بالتهديد . و ( سلام ) رفع بإضمار عليكم ، قاله الفراء . ومعناه الأمر بتوديعهم بالسلام ، ولم يجعله تحية لهم ، حكاه النقاش . وروى شعيب بن الحبحاب أنه عرفه بذلك كيف السلام عليهم ؛ والله أعلم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features