اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)

{ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا } أي: قارة ساكنة، مهيأة لكل مصالحكم، تتمكنون من حرثها وغرسها، والبناء عليها، والسفر، والإقامة فيها.
{ وَالسَّمَاءَ بِنَاءً } سقفًا للأرض، التي أنتم فيها، قد جعل الله فيها ما تنتفعون به من الأنوار والعلامات، التي يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } فليس في جنس الحيوانات، أحسن صورة من بني آدم، كما قال تعالى: { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }
وإذا أردت أن تعرف حسن الآدمي وكمال حكمة الله تعالى فيه، فانظر إليه، عضوًا عضوًا، هل تجد عضوًا من أعضائه، يليق به، ويصلح أن يكون في غير محله؟ وانظر أيضًا، إلى الميل الذي في القلوب، بعضهم لبعض، هل تجد ذلك في غير الآدمين؟ وانظر إلى ما خصه الله به من العقل والإيمان، والمحبة والمعرفة، التي هي أحسن الأخلاق المناسبة لأجمل الصور.
{ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } وهذا شامل لكل طيب، من مأكل، ومشرب، ومنكح، وملبس، ومنظر، ومسمع، وغير ذلك، من الطيبات التي يسرها الله لعباده، ويسر لهم أسبابها، ومنعهم من الخبائث، التي تضادها، وتضر أبدانهم، وقلوبهم، وأديانهم، { ذَلِكُمُ } الذي دبر الأمور، وأنعم عليكم بهذه النعم { اللَّهُ رَبُّكُمْ } { فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } أي: تعاظم، وكثر خيره وإحسانه، المربي جميع العالمين بنعمه.
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ ۚ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ ۖ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)

قوله تعالى : الله الذي جعل لكم الأرض قرارا زاد في تأكيد التعريف والدليل ، أي : جعل لكم الأرض مستقرا لكم في حياتكم وبعد الموت . والسماء بناء تقدم . وصوركم فأحسن صوركم أي خلقكم في أحسن صورة . وقرأ أبو رزين والأشهب العقيلي " صوركم " بكسر الصاد ، قال الجوهري : والصور بكسر الصاد لغة في الصور جمع صورة ، وينشد هذا البيت على هذه اللغة يصف الجواري :
أشبهن من بقر الخلصاء أعينها وهن أحسن من صيرانها صورا
والصيران جمع صوار وهو القطيع من البقر ، والصوار أيضا وعاء المسك ، وقد جمعهما الشاعر بقوله :
إذا لاح الصوار ذكرت ليلى وأذكرها إذا نفح الصوار
والصيار لغة فيه .
ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين تقدم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features