اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)

اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا وسيأتي نصه فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ أي استأخر غير بعيد فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ إليك وما يتراجعون به
اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)

قوله تعالى : اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم . قال الزجاج : فيها خمسة أوجه ( فألقه إليهم ) بإثبات الياء في اللفظ . وبحذف الياء وإثبات الكسرة دالة عليها ( فألقه إليهم ) . وبضم الهاء وإثبات الواو على الأصل ( فألقه وإليهم ) . وبحذف الواو وإثبات الضمة ( فألقه إليهم ) . واللغة الخامسة قرأ بها حمزة بإسكان الهاء فألقه إليهم . قال النحاس : وهذا عند النحويين لا يجوز إلا على حيلة بعيدة تكون : يقدر الوقف ; وسمعت علي بن سليمان يقول : لا تلتفت إلى هذه العلة ، ولو جاز أن يصل وهو ينوي الوقف لجاز أن يحذف الإعراب من الأسماء . وقال : ( إليهم ) على لفظ الجمع ولم يقل ( إليها ) ; لأنه قال : وجدتها وقومها يسجدون للشمس فكأنه قال : فألقه إلى الذين هذا دينهم ; اهتماما منه بأمر الدين ، واشتغالا به عن غيره ، وبني الخطاب في ( الكتاب ) على لفظ الجمع لذلك . وروي في قصص هذه الآية أن الهدهد وصل فألفى دون هذه الملكة حجب جدران ; فعمد إلى كوة كانت بلقيس صنعتها لتدخل منها الشمس عند طلوعها لمعنى عبادتها إياها ، فدخل منها ورمى الكتاب على بلقيس وهي - فيما يروى - نائمة ; فلما انتبهت وجدته فراعها ، وظنت أنه قد دخل عليها أحد ، ثم قامت فوجدت حالها كما عهدت ، فنظرت إلى الكوة تهمما بأمر الشمس ، فرأت الهدهد فعلمت . وقال وهب وابن زيد : كانت لها كوة مستقبلة مطلع الشمس ، فإذا طلعت سجدت ، فسدها الهدهد بجناحه ، فارتفعت الشمس ولم تعلم ، فلما استبطأت الشمس قامت تنظر فرمى الصحيفة إليها ، فلما رأت الخاتم ارتعدت وخضعت ، لأن ملك سليمان عليه السلام كان في خاتمه ; فقرأته فجمعت الملأ من قومها فخاطبتهم بما يأتي بعد . وقال مقاتل : حمل الهدهد الكتاب بمنقاره ، وطار حتى وقف على رأس المرأة وحولها الجنود والعساكر ، فرفرف ساعة والناس ينظرون إليه ، فرفعت المرأة رأسها فألقى الكتاب في حجرها .
في هذه الآية دليل على إرسال الكتب إلى المشركين وتبليغهم الدعوة ، ودعائهم إلى الإسلام . وقد كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر وإلى كل جبار ; كما تقدم في ( آل عمران ) .
قوله تعالى : ثم تول عنهم أمره بالتولي حسن أدب ليتنحى حسب ما يتأدب به مع الملوك . بمعنى : وكن قريبا حتى ترى مراجعتهم ; قاله وهب بن منبه . وقال ابن زيد : أمره بالتولي بمعنى الرجوع إليه ; أي ألقه وارجع فانظر ماذا يرجعون في معنى التقديم على قوله : ثم تول واتساق رتبة الكلام أظهر ; أي ألقه ثم تول ، وفي خلال ذلك ( فانظر ) أي انتظر . وقيل : فاعلم ; كقوله : يوم ينظر المرء ما قدمت يداه أي اعلم ماذا يرجعون - أي يجيبون - وماذا يردون من القول . وقيل : فانظر ماذا يرجعون يتراجعون بينهم من الكلام .
اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)

فاختلف أهل التأويل في تأويل ذلك; فقال بعضهم: معناه: اذهب بكتابي هذا, فألقه إليهم, فانظر ماذا يَرْجِعونَ, ثم تول عنهم منصرفا إليّ, فقال: هو من المؤخَّر الذي معناه التقديم.
*ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: فأجابه سليمان, يعني أجاب الهدهد لما فرغ: ( سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ) وانظر ماذا يرجعون, ثم تول عنهم منصرفا إلي. وقال: وكانت لها كوّة مستقبلة الشمس, ساعة تطلع الشمس تطلع فيها فتسجد لها, فجاء الهدهد حتى وقع فيها فسدها, واستبطأت الشمس, فقامت تنظر, فرمى بالصحيفة إليها من تحت جناحه, وطار حتى قامت تنظر الشمس.
قال أبو جعفر: فهذا القول من قول ابن زيد يدلّ على أن الهدهد تولى إلى سليمان راجعا بعد إلقائه الكتاب, وأن نظره إلى المرأة ما الذي ترجع وتفعل كان قبل إلقائه كتاب سليمان إليها.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم, ثم تولّ عنهم, فكن قريبا منهم, وانظر ماذا يرجعون; قالوا: وفعل الهدهد, وسمع مراجعة المرأة أهل مملكتها, وقولها لهم: إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وما بعد ذلك من مراجعة بعضهم بعضا.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه, قوله: (فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ ) أي كن قريبا(فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ )وهذا القول أشبه بتأويل الآية؛ لأن مراجعة المرأة قومها, كانت بعد أن ألقي إليها الكتاب, ولم يكن الهدهد لينصرف وقد أمر بأن ينظر إلى مراجعة القوم بينهم ما يتراجعونه قبل أن يفعل ما أمره به سليمان.
اذْهَب بِّكِتَابِي هَٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ (28)

( اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تول عنهم فانظر ماذا يرجعون ) : وذلك أن سليمان ، عليه السلام ، كتب كتابا إلى بلقيس وقومها . وأعطاه لذلك الهدهد فحمله ، قيل : في جناحه كما هي عادة الطير ، وقيل : بمنقاره . وذهب إلى بلادهم فجاء إلى قصر بلقيس ، إلى الخلوة التي كانت تختلي فيها بنفسها ، فألقاه إليها من كوة هنالك بين يديها ، ثم تولى ناحية أدبا ورياسة ، فتحيرت مما رأت ، وهالها ذلك ، ثم عمدت إلى الكتاب فأخذته ، ففتحت ختمه وقرأته ، فإذا فيه : ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين )
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features