فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)

{ فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ } الذي لا شك فيه { مِنْ عِنْدِنَا } وهو القرآن، الذي أوحيناه إليك { قَالُوا } مكذبين له، ومعترضين بما ليس يعترض به: { لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَى } أي: أنزل عليه كتاب من السماء جملة واحدة. أي: فأما ما دام ينزل متفرقا، فإنه ليس من عند اللّه. وأي: دليل في هذا؟ وأي: شبهة أنه ليس من عند اللّه، حين نزل مفرقا؟
بل من كمال هذا القرآن، واعتناء اللّه بمن أنزل عليه، أن نزل متفرقا، ليثبت اللّه به فؤاد رسوله، ويحصل زيادة الإيمان للمؤمنين { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } وأيضا، فإن قياسهم على كتاب موسى، قياس قد نقضوه، فكيف يقيسونه على كتاب كفروا به ولم يؤمنوا؟ ولهذا قال { أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا } أي: القرآن والتوراة، تعاونا في سحرهما، وإضلال الناس { وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ } فثبت بهذا أن القوم يريدون إبطال الحق بما ليس ببرهان، وينقضونه بما لا ينقض، ويقولون الأقوال المتناقضة المختلفة، وهذا شأن كل كافر. ولهذا صرح أنهم كفروا بالكتابين والرسولين، ولكن هل كفرهم بهما كان طلبا للحق، واتباعا لأمر عندهم خير منهما، أم مجرد هوى؟.
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)

قوله تعالى : فلما جاءهم الحق من عندنا يعني محمدا صلى الله عليه وسلم قالوا يعني كفار مكة ( لولا ) أي هلا أوتي مثل ما أوتي موسى من العصا واليد البيضاء ، وأنزل عليه القرآن جملة واحدة كالتوراة ، وكان بلغهم ذلك من أمر موسى قبل محمد ; فقال الله تعالى : ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران تظاهرا ) أي موسى ومحمد تعاونا على السحر وقال الكلبي : بعثت قريش إلى اليهود وسألوهم عن بعث محمد وشأنه فقالوا : إنا نجده في التوراة بنعته وصفته فلما رجع الجواب إليهم ( قالوا ساحران تظاهرا ) وقال قوم : إن اليهود علموا المشركين ، وقالوا قولوا لمحمد لولا أوتيت مثل ما أوتي موسى ، فإنه أوتي التوراة دفعة واحدة فهذا الاحتجاج وارد على اليهود ، أي أولم يكفر هؤلاء اليهود بما أوتي موسى حين قالوا في موسى وهارون هما ساحران وإنا بكل كافرون أي وإنا كافرون بكل واحد منهما . وقرأ الكوفيون : ( سحران ) بغير ألف ، أي الإنجيل والقرآن وقيل : التوراة والفرقان ; قاله الفراء وقيل : التوراة والإنجيل ، قاله أبو رزين . الباقون ( ساحران ) بألف وفيه ثلاثة أقاويل : أحدها : موسى ومحمد عليهما السلام ، وهذا قول مشركي العرب . وبه قال ابن عباس والحسن . الثاني : موسى وهارون وهذا قول اليهود لهما في ابتداء الرسالة . وبه قال سعيد بن جبير ومجاهد وابن زيد فيكون الكلام احتجاجا عليهم . وهذا يدل على أن المحذوف في قوله : ولولا أن تصيبهم مصيبة لما جددنا بعثة الرسل ، لأن اليهود اعترفوا بالنبوات ولكنهم حرفوا وغيروا واستحقوا العقاب ، فقال : قد أكملنا إزاحة عذرهم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم . الثالث : عيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم ، وهذا قول اليهود اليوم ، وبه قال قتادة . وقيل : أولم يكفر جميع اليهود بما أوتي موسى في التوراة من ذكر المسيح ، وذكر الإنجيل والقرآن ، فرأوا موسى ومحمدا ساحرين والكتابين سحرين .
فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا لَوْلَا أُوتِيَ مِثْلَ مَا أُوتِيَ مُوسَىٰ ۚ أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ ۖ قَالُوا سِحْرَانِ تَظَاهَرَا وَقَالُوا إِنَّا بِكُلٍّ كَافِرُونَ (48)

( فلما جاءهم الحق من عندنا ) يعني محمدا - صلى الله عليه وسلم - ، ( قالوا ) يعني : كفار مكة ، ( لولا ) هلا ( أوتي ) محمد ، ( مثل ما أوتي موسى ) من الآيات كاليد البيضاء والعصا وقيل : مثل ما أوتي موسى كتابا جملة واحدة . قال الله تعالى : ( أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل ) أي : فقد كفروا بآيات موسى كما كفروا بآيات محمد ( قالوا سحران تظاهرا ) قرأ أهل الكوفة : " سحران " ، أي : التوراة والقرآن : " تظاهرا " يعني : كل سحر يقوي الآخر ، نسب التظاهر إلى السحرين على الاتساع ، قال الكلبي : كانت مقالتهم تلك حين بعثوا إلى رءوس اليهود بالمدينة ، فسألوهم عن محمد فأخبروهم أن نعته في كتابهم التوراة ، فرجعوا فأخبروهم بقول اليهود ، فقالوا : سحران تظاهرا . وقرأ الآخرون : " ساحران " يعنون محمدا وموسى عليه السلام ، لأن معنى التظاهر بالناس وأفعالهم أشبه منه بالكتب ، ( وقالوا إنا بكل كافرون )
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features