وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)

ينبه عباده على ما يشاهدونه، أنه خلق جميع الدواب التي على وجه الأرض، { مِنْ مَاءٍ } أي: مادتها كلها الماء، كما قال تعالى: { وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ }
فالحيوانات التي تتوالد، مادتها ماء النطفة، حين يلقح الذكر الأنثى. والحيوانات التي تتولد من الأرض، لا تتولد إلا من الرطوبات المائية، كالحشرات لا يوجد منها شيء، يتولد من غير ماء أبدا، فالمادة واحدة، ولكن الخلقة مختلفة من وجوه كثيرة، { فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ } كالحية ونحوها، { وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ } كالآدميين، وكثير من الطيور، { وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ } كبهيمة الأنعام ونحوها. فاختلافها -مع أن الأصل واحد- يدل على نفوذ مشيئة الله، وعموم قدرته، ولهذا قال: { يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } أي: من المخلوقات، على ما يشاؤه من الصفات، { إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } كما أنزل المطر على الأرض، وهو لقاح واحد، والأم واحدة، وهي الأرض، والأولاد مختلفو الأصناف والأوصاف { وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)

يذكر تعالى قدرته التامة وسلطانه العظيم ، في خلقه أنواع [ المخلوقات ] . على اختلاف أشكالها وألوانها ، وحركاتها وسكناتها ، من ماء واحد ، ( فمنهم من يمشي على بطنه ) كالحية وما شاكلها ، ( ومنهم من يمشي على رجلين ) كالإنسان والطير ، ( ومنهم من يمشي على أربع ) كالأنعام وسائر الحيوانات; ولهذا قال : ( يخلق الله ما يشاء ) أي : بقدرته; لأنه ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن; ولهذا قال : ( إن الله على كل شيء قدير ) .
وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ ۖ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (45)

اختلفت القرّاء في قراءة قوله: ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ) فقرأته عامة قرّاء الكوفة غير عاصم: " وَاللهُ خَالِقُ كُلِّ دَابَّةٍ". وقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وعاصم: ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ ) بنصب كل، وخلق على مثال فَعَلَ، وهما قراءتان مشهورتان متقاربتا المعنى، وذلك أن الإضافة في قراءة من قرأ ذلك " خَالِقُ" تدلّ على أن معنى ذلك المضيّ، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب. وقوله: ( خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ) يعني: من نطفة، ( فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ) كالحيات وما أشبهها، وقيل: إنما قيل: ( فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ ) والمشي لا يكون على البطن; لأن المشي إنما يكون لما له قوائم على التشبيه وأنه لما خالط ما له قوائم ما لا قوائم له جاز، كما قال: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ ) كالطير، ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ ) كالبهائم.
فإن قال قائل: فكيف قيل: ( فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي ) ، و " مَنْ" للناس، وكلّ هذه الأجناس أو أكثرها لغيرهم؟ قيل: لأنه تفريق ما هو داخلٌ في قوله: ( وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ ) وكان داخلا في ذلك الناس وغيرهم، ثم قال: ( فمنهم ) ، لاجتماع الناس والبهائم وغيرهم في ذلك واختلاطهم، فكنى عن جميعهم كنايته عن بني آدم، ثم فسرهم ب " مِنْ"، إذ كان قد كنى عنهم كناية بني آدم خاصة ( يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) يقول : يحدث الله ما يشاء من الخلق ( إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) يقول: إن الله على إحداث ذلك وخلقه، وخلق ما يشاء من الأشياء غيره، ذو قدرة لا يتعذّر عليه شيء أراد.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features