ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)

أي: ثم شرعنا لك شريعة كاملة تدعو إلى كل خير وتنهى عن كل شر من أمرنا الشرعي { فَاتَّبِعْهَا } فإن في اتباعها السعادة الأبدية والصلاح والفلاح، { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } أي: الذين تكون أهويتهم غير تابعة للعلم ولا ماشية خلفه، وهم كل من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم هواه وإرادته فإنه من أهواء الذين لا يعلمون.
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)

( ثم جعلناك ) [ يا محمد ] ( على شريعة ) سنة وطريقة بعد موسى ( من الأمر ) من الدين ( فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) يعني مراد الكافرين ، وذلك أنهم كانوا يقولون له : ارجع إلى دين آبائك ، فإنهم كانوا أفضل منك ، فقال جل ذكره :
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)

قوله تعالى : ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون .
فيه مسألتان :
الأولى : قوله تعالى : ثم جعلناك على شريعة من الأمر الشريعة في اللغة : المذهب والملة . ويقال لمشرعة الماء - وهي مورد الشاربة - : شريعة . ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد . فالشريعة : ما شرع الله لعباده من الدين ، والجمع : الشرائع . والشرائع في الدين : المذاهب التي شرعها الله لخلقه . فمعنى : جعلناك على شريعة من الأمر أي : على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق . وقال ابن عباس : على شريعة أي : على هدى من الأمر . قتادة : الشريعة : الأمر والنهي والحدود والفرائض . مقاتل : البينة ; لأنها طريق إلى الحق . الكلبي : السنة ; لأنه يستن بطريقة من قبله من الأنبياء . ابن زيد : الدين ; لأنه طريق النجاة . قال ابن العربي : والأمر يرد في اللغة بمعنيين : أحدهما : بمعنى الشأن كقوله : فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد . والثاني : أحد أقسام الكلام الذي يقابله النهي . وكلاهما يصح أن يكون مرادا هاهنا ، وتقديره : ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملة الإسلام ، كما قال تعالى : ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين .
ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح ، وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه .
الثاني : قال ابن العربي : ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ; لأن الله تعالى أفرد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته في هذه الآية بشريعة ، ولا ننكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته منفردان بشريعة ، وإنما الخلاف فيما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا .
قوله تعالى : ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون يعني المشركين . وقال ابن عباس : قريظة والنضير . وعنه : نزلت لما دعته قريش إلى دين آبائه .
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)

ولهذا قال : ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ) أي : اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو ، وأعرض عن المشركين ،
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features