يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)

قوله تعالى : ياقوم لكم الملك هذا من قول مؤمن آل فرعون ، وفي قوله يا قوم دليل على أنه قبطي ، ولذلك أضافهم إلى نفسه فقال : يا قوم ليكونوا أقرب إلى قبول وعظه لكم الملك فاشكروا الله على ذلك . اليوم ظاهرين في الأرض أي غالبين ، وهو نصب على الحال أي : في حال ظهوركم . والمراد بالأرض أرض مصر في قول السدي وغيره ، كقوله : وكذلك مكنا ليوسف في الأرض . أي في أرض مصر .
فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا أي من عذاب الله تحذيرا لهم من نقمه إن كان موسى صادقا ، فذكر وحذر فعلم فرعون ظهور حجته فقال : ما أريكم إلا ما أرى . قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : ما أشير عليكم إلا ما أرى لنفسي . وما أهديكم إلا سبيل الرشاد في تكذيب موسى والإيمان بي .
يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)

القول في تأويل قوله تعالى : يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: ( يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الأرْضِ ) يعني: أرض مصر, يقول: لكم السلطان اليوم والملك ظاهرين أنتم على بنى إسرائيل في أرض مصر ( فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ ) يقول: فمن يدفع عنا بأس الله وسطوته إن حل بنا, وعقوبته أن جاءتنا, قال فرعون ( مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى ) يقول: قال فرعون مجيبا لهذا المؤمن الناهي عن قتل موسى: ما أريكم أيها الناس من الرأي والنصيحة إلا ما أرى لنفسي ولكم صلاحا وصوابا, وما أهديكم إلا سبيل الرشاد. يقول: وما أدعوكم إلا إلى طريق الحق والصواب في أمر موسى وقتله, فإنكم إن لم تقتلوه بدل دينكم, وأظهر في أرضكم الفساد.
يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)

ثم حذر قومه ونصحهم، وخوفهم عذاب الآخرة، ونهاهم عن الاغترار بالملك الظاهر، فقال: { يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } أي: في الدنيا { ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ } على رعيتكم، تنفذون فيهم ما شئتم من التدبير، فهبكم حصل لكم ذلك وتم، ولن يتم، { فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ } أي: عذابه { إِنْ جَاءَنَا } ؟ وهذا من حسن دعوته، حيث جعل الأمر مشتركًا بينه وبينهم بقوله: { فَمَنْ يَنْصُرُنَا } وقوله: { إِنْ جَاءَنَا } ليفهمهم أنه ينصح لهم كما ينصح لنفسه، ويرضى لهم ما يرضى لنفسه.
فـ { قَالَ فِرْعَوْنُ } معارضًا له في ذلك، ومغررًا لقومه أن يتبعوا موسى: { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } وصدق في قوله: { مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى } ولكن ما الذي رأى؟
رأى أن يستخف قومه فيتابعوه، ليقيم بهم رياسته، ولم ير الحق معه، بل رأى الحق مع موسى، وجحد به مستيقنًا له.
وكذب في قوله: { وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ } فإن هذا قلب للحق، فلو أمرهم باتباعه اتباعًا مجردًا على كفره وضلاله، لكان الشر أهون، ولكنه أمرهم باتباعه، وزعم أن في اتباعه اتباع الحق وفي اتباع الحق، اتباع الضلال.
يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَاءَنَا ۚ قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)

( ياقوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض ) غالبين في أرض مصر ، ( فمن ينصرنا من بأس الله ) من يمنعنا من عذاب الله ، ( إن جاءنا ) والمعنى لكم الملك اليوم فلا تتعرضوا لعذاب الله بالتكذيب ، وقتل النبي فإنه لا مانع من عذاب الله إن حل بكم ، ( قال فرعون ما أريكم ) من الرأي والنصيحة ، ( إلا ما أرى ) لنفسي . وقال الضحاك : ما أعلمكم إلا ما أعلم ، ( وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ) ما أدعوكم إلا إلى طريق الهدى .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features