إن هذا إلا خلق الأولين أي دينهم ; عن ابن عباس وغيره . وقال الفراء : عادة الأولين . وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي : ( خلق الأولين ) الباقون " خلق " . قال الهروي : وقوله عز وجل : إن هذا إلا خلق الأولين أي اختلاقهم وكذبهم ، ومن قرأ : خلق الأولين فمعناه عادتهم ، والعرب تقول : حدثنا فلان بأحاديث الخلق أي بالخرافات والأحاديث المفتعلة . وقال ابن الأعرابي : الخلق الدين والخلق الطبع والخلق المروءة . قال النحاس : ( خلق الأولين ) عند الفراء يعني عادة الأولين . وحكى لنا محمد بن الوليد عن محمد بن يزيد قال : ( خلق الأولين ) مذهبهم وما جرى عليه أمرهم ; قال أبو جعفر : والقولان متقاربان ، ومنه الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا أي أحسنهم مذهبا وعادة وما يجري عليه الأمر في طاعة الله عز وجل ، ولا يجوز أن يكون من كان حسن الخلق فاجرا ، فاضلا ولا أن يكون أكمل إيمانا من السيئ الخلق الذي ليس بفاجر . قال أبو جعفر : حكي لنا عن محمد بن يزيد أن معنى ( خلق الأولين ) تكذيبهم وتخرصهم غير أنه كان يميل إلى القراءة الأولى ; لأن فيها مدح آبائهم ، وأكثر ما جاء القرآن في صفتهم مدحهم لآبائهم ، وقولهم : إنا وجدنا آباءنا على أمة . وعن أبي قلابة : أنه قرأ : ( خلق ) بضم الخاء وإسكان اللام تخفيف " خلق " . ورواها ابن جبير عن أصحاب نافع عن نافع . وقد قيل : إن معنى خلق الأولين دين الأولين . ومنه قوله تعالى : فليغيرن خلق الله أي دين الله . و خلق الأولين عادة الأولين : حياة ثم موت ولا بعث . وقيل : ما هذا الذي أنكرت علينا من البنيان والبطش إلا عادة من قبلنا فنحن نقتدي بهم
إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ . أي: هذه الأحوال والنعم, ونحو ذلك, عادة الأولين, تارة يستغنون, وتارة يفتقرون، وهذه أحوال الدهر, لا أن هذه محن ومنح من الله تعالى, وابتلاء لعباده.
وقولهم : ( إن هذا إلا خلق الأولين ) : قرأ بعضهم : " إن هذا إلا خلق " بفتح الخاء وتسكين اللام . قال ابن مسعود ، والعوفي عن عبد الله بن عباس ، وعلقمة ، ومجاهد : يعنون ما هذا الذي جئتنا به إلا أخلاق الأولين . كما قال المشركون من قريش : ( وقالوا أساطير الأولين [ اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ) [ الفرقان : 5 ] ، وقال : ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين )[ الفرقان : 4 ، 5 ] ، وقال ( وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين ) ] [ النحل : 24 ] . وقرأ آخرون : ( إن هذا إلا خلق الأولين ) - بضم الخاء واللام - يعنون : دينهم وما هم عليه من الأمر هو دين الأوائل من الآباء والأجداد . ونحن تابعون لهم ، سالكون وراءهم ، نعيش كما عاشوا ، ونموت كما ماتوا ، ولا بعث ولا معاد ;
( إن هذا ) ما هذا ( إلا خلق الأولين ) قرأ ابن كثير ، وأبو جعفر ، وأبو عمرو ، والكسائي ، ويعقوب : " خلق " بفتح الخاء وسكون اللام ، أي : اختلاق الأولين وكذبهم دليل هذه القراءة قوله تعالى : " وتخلقون إفكا "( العنكبوت - 17 ) ، وقرأ الآخرون " خلق " بضم الخاء واللام ، أي : عادة الأولين من قبلنا ، وأمرهم أنهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث ولا حساب .