الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)

الذين يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور - إلى قوله - ولا يمسنا فيها لغوب . وقيل : هو الذي يؤخذ منه في مقامه ; يعني يكفر عنه بما يصيبه من الهم والحزن ، ومنه قوله تعالى من يعمل سوءا يجز به يعني في الدنيا . قال الثعلبي : وهذا التأويل أشبه بالظاهر ; لأنه قال : جنات عدن يدخلونها ، ولقوله : الذين اصطفينا من عبادنا والكافر والمنافق لم يصطفوا .
قلت : وهذا هو الصحيح ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر فأخبر أن المنافق يقرؤه ، وأخبر الحق سبحانه وتعالى أن المنافق في الدرك الأسفل من النار ، وكثير من الكفار واليهود والنصارى يقرءونه في زماننا هذا . وقال مالك : قد يقرأ القرآن من لا خير فيه . والنصب : التعب . واللغوب : الإعياء .
الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)

( الذي أحلنا دار المقامة من فضله ) : يقولون : الذي أعطانا هذه المنزلة ، وهذا المقام من فضله ومنه ورحمته ، لم تكن أعمالنا تساوي ذلك . كما ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لن يدخل أحدا منكم عمله الجنة " . قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل " .
( لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ) أي : لا يمسنا فيها عناء ولا إعياء .
والنصب واللغوب : كل منهما يستعمل في التعب ، وكأن المراد ينفي هذا وهذا عنهم أنهم لا تعب على أبدانهم ولا أرواحهم ، والله أعلم . فمن ذلك أنهم كانوا يدئبون أنفسهم في العبادة في الدنيا ، فسقط عنهم التكليف بدخولها ، وصاروا في راحة دائمة مستمرة ، قال الله تعالى : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ) [ الحاقة : 24 ] .
الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)

{ الَّذِي أَحَلَّنَا } أي: أنزلنا نزول حلول واستقرار، لا نزول معبر واعتبار. { دَارَ الْمُقَامَةِ } أي: الدار التي تدوم فيها الإقامة، والدار التي يرغب في المقام فيها، لكثرة خيراتها، وتوالي مسراتها، وزوال كدوراتها، وذلك الإحلال { مِنْ فَضْلِهِ } علينا وكرمه، لا بأعمالنا، فلولا فضله، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
{ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } أي: لا تعب في الأبدان ولا في القلب والقوى، ولا في كثرة التمتع، وهذا يدل على أن اللّه تعالى يجعل أبدانهم في نشأة كاملة، ويهيئ لهم من أسباب الراحة على الدوام، ما يكونون بهذه الصفة، بحيث لا يمسهم نصب ولا لغوب، ولا هم ولا حزن.
ويدل على أنهم لا ينامون في الجنة، لأن النوم فائدته زوال التعب، وحصول الراحة به، وأهل الجنة بخلاف ذلك، ولأنه موت أصغر، وأهل الجنة لا يموتون، جعلنا اللّه منهم، بمنه وكرمه.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features