الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ (53)

قوله تعالى : الذي جعل لكم الأرض مهدا الذي في موضع نعت لربي أي لا يضل ربي الذي جعل . ويجوز أن يكون خبر ابتداء مضمر أي هو الذي . ويجوز أن يكون منصوبا بإضمار أعني . وقرأ الكوفيون ( مهدا ) هنا وفي ( الزخرف ) بفتح الميم وإسكان الهاء . الباقون ( مهادا ) واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لاتفاقهم على قراءة ( ألم نجعل الأرض مهادا ) . النحاس : والجمع أولى لأن مهدا مصدر وليس هذا موضع مصدر إلا على حذف ؛ أي ذات مهد . المهدوي : ومن قرأ مهدا جاز أن يكون مصدرا كالفرش أي مهد لكم الأرض مهدا ، وجاز أن يكون على تقدير حذف المضاف ؛ أي ذات مهد . ومن قرأ ( مهادا ) جاز أن يكون مفردا كالفراش . وجاز أن يكون جمع ( مهد ) استعمل استعمال الأسماء فكسر . ومعنى " مهادا " أي فراشا وقرارا تستقرون عليها .
وسلك لكم فيها سبلا أي طرقا . نظيره والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا . وقال تعالى : ( الذي جعل لكم الأرض مهادا وجعل لكم فيها سبلا لعلكم تهتدون ) . وأنزل من السماء ماء وهذا آخر كلام موسى ، ثم قال الله تعالى : فأخرجنا به وقيل : كله من كلام موسى . فأخرجنا به أي بالحرث والمعالجة ؛ لأن الماء المنزل سبب خروج النبات . أزواجا من نبات شتى ضروبا وأشباها ، أي أصنافا من النبات المختلفة الأزواج والألوان . وقال الأخفش التقدير أزواجا شتى من نبات . قال : وقد يكون النبات شتى ؛ ف ( شتى ) يجوز أن يكون نعتا لأزواج ، ويجوز أن يكون نعتا للنبات . وشتى مأخوذ من شت الشيء أي تفرق . يقال : أمر شت أي متفرق . وشت الأمر شتا وشتاتا تفرق ؛ واستشت مثله . وكذلك التشتت . وشتته تشتيتا فرقه . وأشت بي قومي أي فرقوا أمري . والشتيت المتفرق . قال رؤبة يصف إبلا :
جاءت معا واطرقت شتيتا وهي تثير الساطع السختيتا
وثغر شتيت أي مفلج . وقوم شتى ، وأشياء شتى ، وتقول : جاءوا أشتاتا ؛ أي متفرقين ؛ واحدهم شت ؛ قاله الجوهري .
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ (53)

هذا من تمام كلام موسى فيما وصف به ربه - عز وجل - حين سأله فرعون عنه ، فقال : ( الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) ، ثم اعترض الكلام بين ذلك ، ثم قال : ( الذي جعل لكم الأرض مهادا ) وفي قراءة بعضهم " مهدا " أي : قرارا تستقرون عليها وتقومون وتنامون عليها وتسافرون على ظهرها ، ( وسلك لكم فيها سبلا ) أي : جعل لكم طرقا تمشون في مناكبها ، كما قال تعالى : ( وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ) [ الأنبياء : 31 ] .
( وأنزل من السماء ماء فأخرجنا به أزواجا من نبات شتى ) أي : من ألوان النباتات من زروع وثمار ، ومن حامض وحلو ، وسائر الأنواع .
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ (53)

فقال: { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا } أي: فراشا بحالة تتمكنون من السكون فيها، والقرار، والبناء، والغراس، وإثارتها للازدراع وغيره، وذللها لذلك، ولم يجعلها ممتنعة عن مصلحة من مصالحكم.
{ وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا } أي: نفذ لكم الطرق الموصلة، من أرض إلى أرض، ومن قطر إلى قطر، حتى كان الآدميون يتمكنون من الوصول إلى جميع الأرض بأسهل ما يكون، وينتفعون بأسفارهم، أكثر مما ينتفعون بإقامتهم.{ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى } أي: أنزل المطر { فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا } وأنبت بذلك جميع أصناف النوابت على اختلاف أنواعها، وتشتت أشكالها، وتباين أحوالها، فساقه، وقدره، ويسره، رزقا لنا ولأنعامنا، ولولا ذلك لهلك من عليها من آدمي وحيوان
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features