وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)

( وزخرفا ) الزخرف هنا الذهب ، عن ابن عباس وغيره . نظيره : ( أو يكون لك بيت من زخرف ) وقد تقدم . وقال ابن زيد : هو ما يتخذه الناس في منازلهم من الأمتعة والأثاث . وقال الحسن : النقوش ، وأصله الزينة . يقال : زخرفت الدار ، أي : زينتها . وتزخرف فلان ، أي : تزين . وانتصب ( زخرفا ) على معنى وجعلنا لهم مع ذلك زخرفا . وقيل : بنزع الخافض ، والمعنى فجعلنا لهم سقفا وأبوابا وسررا من فضة ومن ذهب ، فلما حذف ( من ) قال : وزخرفا فنصب .
وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا قرأ عاصم وحمزة وهشام عن ابن عامر وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا بالتشديد . الباقون بالتخفيف ، وقد ذكر هذا . وروي عن أبي رجاء كسر اللام من لما ، ف ( ما ) عنده بمنزلة الذي ، والعائد عليها محذوف ، والتقدير : وإن كل ذلك للذي هو متاع الحياة الدنيا ، وحذف الضمير هاهنا كحذفه في قراءة من قرأ ( مثلا ما بعوضة فما فوقها ) وتماما على الذي أحسن . أبو الفتح : ينبغي أن يكون ( كل ) على هذه القراءة منصوبة ; لأن ( إن ) مخففة من الثقيلة ، وهي إذا خففت وبطل عملها لزمتها اللام في آخر الكلام للفرق بينها وبين ( إن ) النافية التي بمعنى ما ، نحو إن زيد لقائم ، ولا لام هنا سوى الجارة .
والآخرة عند ربك للمتقين يريد : الجنة لمن اتقى وخاف . وقال كعب : إني لأجد في بعض كتب الله المنزلة : لولا أن يحزن عبدي المؤمن لكللت رأس عبدي الكافر بالإكليل ، ولا يتصدع ولا ينبض منه عرق بوجع . وفي صحيح الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر . وعن سهل بن سعد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء . وفي الباب عن أبي هريرة ، وقال : حديث حسن غريب . وأنشدوا :
فلو كانت الدنيا جزاء لمحسن إذا لم يكن فيها معاش لظالم لقد جاع فيها الأنبياء كرامة
وقد شبعت فيها بطون البهائم
وقال آخر :
تمتع من الأيام إن كنت حازما فإنك فيها بين ناه وآمر
إذا أبقت الدنيا على المرء دينه فما فاته منها فليس بضائر
فلا تزن الدنيا جناح بعوضة ولا وزن رق من جناح لطائر
فلم يرض بالدنيا ثوابا لمحسن ولا رضي الدنيا عقابا لكافر
وَزُخْرُفًا ۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَالْآخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)

( وزخرفا ) أي وجعلنا مع ذلك لهم زخرفا وهو الذهب ، نظيره : " أو يكون لك بيت من زخرف " ( الإسراء 93 ( وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا ) قرأ حمزة وعاصم : " لما " بالتشديد على معنى : وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا فكان : " لما " بمعنى إلا . وخففه الآخرون على معنى : وكل ذلك متاع الحياة الدنيا فيكون : " إن " للابتداء ، " وما " صلة . يريد : إن هذا كله متاع الحياة الدنيا يزول ويذهب ( والآخرة عند ربك للمتقين ) خاصة ، يعني الجنة .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو العباس عبد الله بن محمد بن هارون الطيسفوني ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الترابي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام ، أخبرنا أحمد بن سيار القرشي ، حدثنا عبد الرحمن بن يونس أبو مسلم ، حدثنا أبو بكر بن منظور ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها قطرة ماء " .
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله ، أخبرنا محمد بن إبراهيم بن عبد الله الخلال ، أخبرنا عبد الله بن المبارك ، عن [ مجالد ] بن سعيد ، عن قيس بن أبي حازم ، عن المستورد بن شداد أخي بني فهر قال : كنت في الركب الذين وقفوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على السخلة الميتة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها " ؟ قالوا : من هوانها ألقوها ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فالدنيا أهون على الله من هذه على أهلها " .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features