وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12)

قول تعالى مخبرا عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة من طين ، وهو آدم ، عليه السلام ، خلقه الله من صلصال من حمأ مسنون .
وقال الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي يحيى ، عن ابن عباس : ( من سلالة من طين ) قال : صفوة الماء .
وقال مجاهد : ( من سلالة ) أي : من مني آدم .
قال ابن جرير : وإنما سمي آدم طينا لأنه مخلوق منه .
وقال قتادة : استل آدم من الطين . وهذا أظهر في المعنى ، وأقرب إلى السياق ، فإن آدم ، عليه السلام ، خلق من طين لازب ، وهو الصلصال من الحمأ المسنون ، وذلك مخلوق من التراب ، كما قال تعالى : ( ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ) [ الروم : 20 ] .
وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا عوف ، حدثنا قسامة بن زهير ، عن أبي موسى ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض ، فجاء بنو آدم على قدر الأرض ، جاء منهم الأحمر والأسود والأبيض ، وبين ذلك ، والخبيث والطيب ، وبين ذلك " .
وقد رواه أبو داود والترمذي ، من طرق ، عن عوف الأعرابي ، به نحوه . وقال الترمذي : حسن صحيح .
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12)

ذكر الله في هذه الآيات أطوار الآدمي وتنقلاته، من ابتداء خلقه إلى آخر ما يصير إليه، فذكر ابتداء خلق أبي النوع البشري آدم عليه السلام، وأنه { مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ } أي: قد سلت، وأخذت من جميع الأرض، ولذلك جاء بنوه على قدر الأرض، منهم الطيب والخبيث، وبين ذلك، والسهل والحزن، وبين ذلك.
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ (12)

قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين
قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان الإنسان هنا آدم - عليه الصلاة والسلام - ؛ قاله قتادة ، وغيره ، لأنه استل من الطين . ويجيء الضمير في قوله : ثم جعلناه عائدا على ابن آدم ، وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر ؛ فإن المعنى لا يصلح إلا له . نظير ذلك حتى توارت بالحجاب وقيل : المراد بالسلالة ابن آدم ؛ قاله ابن عباس ، وغيره . والسلالة على هذا صفوة الماء ، يعني المني . والسلالة فعالة من السل وهو استخراج الشيء من الشيء ؛ يقال : سللت الشعر من العجين ، والسيف من الغمد فانسل ؛ ومنه قوله [ لامرئ القيس ] :
فسلي ثيابي من ثيابك تنسل
فالنطفة سلالة ، والولد سليل وسلالة ؛ عنى به الماء يسل من الظهر سلا . قال الشاعر [ حسان بن ثابت ] :
فجاءت به عضب الأديم غضنفرا سلالة فرج كان غير حصين
وقال آخر [ هند بنت النعمان ] :
وما هند إلا مهرة عربية سليلة أفراس تجللها بغل
قوله : من طين أي أن الأصل آدم وهو من طين .
قلت : أي من طين خالص ؛ فأما ولده فهو من طين ومني ، حسبما بيناه في أول سورة الأنعام . وقال الكلبي : السلالة الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك ؛ فالذي يخرج هو السلالة .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features