وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)

( في رق منشور والبيت المعمور ) . ثبت في الصحيحين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الإسراء - بعد مجاوزته إلى السماء السابعة - : " ثم رفع بي إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله في كل يوم سبعون ألفا لا يعودون إليه آخر ما عليهم " يعني : يتعبدون فيه ويطوفون ، كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم كذلك ذاك البيت ، هو كعبة أهل السماء السابعة ; ولهذا وجد إبراهيم الخليل عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور ; لأنه باني الكعبة الأرضية ، والجزاء من جنس العمل ، وهو بحيال الكعبة ، وفي كل سماء بيت يتعبد فيه أهلها ، ويصلون إليه ، والذي في السماء الدنيا يقال له : بيت العزة . والله أعلم .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا الوليد بن مسلم ، حدثنا روح بن جناح ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " في السماء السابعة بيت يقال له : " المعمور " ; بحيال الكعبة ، وفي السماء الرابعة نهر يقال له : " الحيوان " يدخله جبريل كل يوم ، فينغمس فيه انغماسة ، ثم يخرج فينتفض انتفاضة يخر عنه سبعون ألف قطرة ، يخلق الله من كل قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور ، فيصلوا فيه فيفعلون ، ثم يخرجون فلا يعودون إليه أبدا ، ويولي عليهم أحدهم ، يؤمر أن يقف بهم من السماء موقفا يسبحون الله فيه إلى أن تقوم الساعة " .
هذا حديث غريب جدا ، تفرد به روح بن جناح هذا ، وهو القرشي الأموي مولاهم أبو سعد الدمشقي ، وقد أنكر هذا الحديث عليه جماعة من الحفاظ منهم : الجوزجاني ، والعقيلي ، والحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، وغيرهم .
قال الحاكم : لا أصل له من حديث أبي هريرة ، ولا سعيد ، ولا الزهري
وقال ابن جرير : حدثنا هناد بن السري ، حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة ; أن رجلا قال لعلي : ما البيت المعمور ؟ قال : بيت في السماء يقال له : " الضراح " وهو بحيال الكعبة من فوقها ، حرمته في السماء كحرمة البيت في الأرض ، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ، لا يعودون فيه أبدا
وكذا رواه شعبة وسفيان الثوري ، عن سماك وعندهما أن ابن الكواء هو السائل عن ذلك ، ثم رواه ابن جرير عن أبي كريب ، عن طلق بن غنام ، عن زائدة ، عن عاصم ، عن علي بن ربيعة قال : سأل ابن الكواء عليا عن البيت المعمور ، قال : مسجد في السماء يقال له : " الضراح " ، يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ، ثم لا يعودون فيه أبدا . ورواه من حديث أبي الطفيل ، عن علي بمثله .
وقال العوفي عن ابن عباس : هو بيت حذاء العرش ، تعمره الملائكة ، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون إليه ، وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والربيع بن أنس ، والسدي ، وغير واحد من السلف .
وقال قتادة : ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوما لأصحابه : " هل تدرون ما البيت المعمور ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإنه مسجد في السماء بحيال الكعبة لو خر لخر عليها يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك ، إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم " .
وزعم الضحاك أنه يعمره طائفة من الملائكة يقال لهم : الجن ، من قبيلة إبليس ، فالله أعلم .
وقوله : ( والسقف المرفوع ) : قال سفيان الثوري ، وشعبة ، وأبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة ، عن علي : ( والسقف المرفوع ) يعني : السماء ، قال سفيان : ثم تلا ( وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ) [ الأنبياء : 32 ] . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، والسدي ، وابن جريج ، وابن زيد ، واختاره ابن جرير .
وقال الربيع بن أنس : هو العرش يعني : أنه سقف لجميع المخلوقات ، وله اتجاه ، وهو يراد مع غيره كما قاله الجمهور .
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (4)

قوله تعالى : والبيت المعمور قال علي وابن عباس وغيرهما : هو بيت في السماء حيال الكعبة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم يخرجون منه فلا يعودون إليه . قال علي رضي الله عنه : هو بيت في السماء السادسة . وقيل : في السماء الرابعة ; روى أنس بن مالك ، عن مالك بن صعصعة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أوتي بي إلى السماء الرابعة فرفع لنا البيت المعمور فإذا هو حيال الكعبة لو خر خر عليها يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه ؛ ذكره الماوردي . وحكى القشيري عن ابن عباس أنه في السماء الدنيا . وقال أبو بكر الأنباري : سأل ابن الكواء عليا رضي الله عنه قال : فما البيت المعمور ؟ قال : بيت فوق سبع سموات تحت العرش يقال له الضراح . وكذا في " الصحاح " : والضراح - بالضم - بيت في السماء وهو البيت المعمور عن ابن عباس . وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة . وقال المهدوي عنه : حذاء العرش . والذي في صحيح مسلم عن مالك بن صعصعة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء : ثم رفع إلى البيت المعمور فقلت : يا جبريل ما هذا ؟ قال : هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا إليه آخر ما عليهم وذكر الحديث . وفي حديث ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت بالبراق . . . الحديث ; وفيه : ثم عرج بنا إلى السابعة فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد - صلى الله عليه وسلم - قيل وقد بعث إليه قال قد بعث إليه ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه .
وعن ابن عباس أيضا قال : لله في السماوات والأرضين خمسة عشر بيتا ، سبعة في السماوات . وسبعة في الأرضين والكعبة ، وكلها مقابلة للكعبة . وقال الحسن : البيت المعمور هو الكعبة ، البيت الحرام الذي هو معمور من الناس ، يعمره الله كل سنة بستمائة ألف ، فإن عجز الناس عن ذلك أتمه الله بالملائكة ، وهو أول بيت وضعه الله للعبادة في الأرض . وقال الربيع بن أنس : إن البيت المعمور كان في الأرض موضع الكعبة في زمان آدم عليه السلام ، فلما كان زمان نوح عليه السلام أمرهم أن يحجوا فأبوا عليه وعصوه ، فلما طغى الماء رفع فجعل بحذائه في السماء الدنيا ، فيعمره كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يرجعون إليه حتى ينفخ في الصور ، قال : فبوأ الله جل وعز لإبراهيم مكان البيت حيث كان ; قال الله تعالى : وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features