إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)

ثم قال تعالى : ( إذ تلقونه بألسنتكم ) قال مجاهد ، وسعيد بن جبير : أي : يرويه بعضكم عن بعض ، يقول هذا : سمعته من فلان ، وقال فلان كذا ، وذكر بعضهم كذا .
وقرأ آخرون " إذ تلقونه بألسنتكم . وفي صحيح البخاري عن عائشة : أنها كانت تقرؤها كذلك وتقول : هو من ولق القول . يعني : الكذب الذي يستمر صاحبه عليه ، تقول العرب : ولق فلان في السير : إذا استمر فيه ، والقراءة الأولى أشهر ، وعليها الجمهور ، ولكن الثانية مروية عن أم المؤمنين عائشة .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، [ عن عائشة أنها كانت تقرأ : " إذ تلقونه " وتقول : إنما هو ولق القول - والولق : الكذب . قال ابن أبي مليكة ] : هي أعلم به من غيرها .
وقوله : ( وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم ) أي : تقولون ما لا تعلمون .
ثم قال تعالى : ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) أي : تقولون ما تقولون في شأن أم المؤمنين ، وتحسبون ذلك يسيرا [ سهلا ] ولو لم تكن زوجة النبي صلى الله عليه وسلم لما كان هينا ، فكيف وهي زوجة النبي الأمي ، خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ، فعظيم عند الله أن يقال في زوجة رسوله ما قيل! الله يغار لهذا ، وهو سبحانه وتعالى ، لا يقدر على زوجة نبي من أنبيائه ذلك ، حاشا وكلا ولما [ لم يكن ذلك ] فكيف يكون هذا في سيدة نساء الأنبياء ، وزوجة سيد ولد آدم على الإطلاق في الدنيا والآخرة؟! ولهذا قال تعالى ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) ، وفي الصحيحين : إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ، لا يدري ما تبلغ ، يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض " وفي رواية : " لا يلقي لها بالا " .
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)

قوله تعالى : إذ تلقونه بألسنتكم قراءة محمد بن السميقع بضم التاء وسكون اللام وضم القاف ؛ من الإلقاء ، وهذه قراءة بينة . وقرأ أبي ، وابن مسعود ( إذ تتلقونه ) من التلقي ، بتاءين . وقرأ جمهور السبعة بحرف التاء الواحدة وإظهار الذال دون إدغام ؛ وهذا أيضا من التلقي . وقرأ أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي بإدغام الذال في التاء . وقرأ ابن كثير بإظهار الذال وإدغام التاء في التاء ؛ وهذه قراءة قلقة ؛ لأنها تقتضي اجتماع ساكنين ، وليست كالإدغام في قراءة من قرأ ( فلا تناجوا ) ( ولا تنابزوا ) لأن دونه الألف الساكنة ، وكونها حرف لين حسنت هنالك ما لا تحسن مع سكون الذال . وقرأ ابن يعمر ، وعائشة - رضي الله عنهما - وهم أعلم الناس بهذا الأمر - إذ تلقونه بفتح التاء وكسر اللام وضم القاف ؛ ومعنى هذه القراءة من قول العرب : ولق الرجل يلق ولقا إذا كذب واستمر عليه ؛ فجاءوا بالمتعدي شاهدا على غير المتعدي . قال ابن عطية : وعندي أنه أراد إذ تلقون فيه ؛ فحذف حرف الجر فاتصل الضمير . وقال الخليل ، وأبو عمرو : أصل الولق الإسراع ؛ يقال : جاءت الإبل تلق ؛ أي تسرع .
قال :
لما رأوا جيشا عليهم قد طرق جاءوا بأسراب من الشأم ولق
إن الحصين زلق وزملق جاءت به عنس من الشأم تلق
يقال : رجل زلق وزملق ؛ مثال هدبد ، وزمالق وزملق ( بتشديد الميم ) وهو الذي ينزل قبل أن يجامع ؛ قال الراجز :
إن الحصين زلق وزملق
والولق أيضا أخف الطعن . وقد ولقه يلقه ولقا . يقال : ولقه بالسيف ولقات ، أي ضربات ؛ فهو مشترك .
قوله تعالى : وتقولون بأفواهكم مبالغة ، وإلزام ، وتأكيد . والضمير في تحسبونه عائد على الحديث والخوض فيه والإذاعة له . و هينا أي شيئا يسيرا لا يلحقكم فيه إثم . وهو عند الله في الوزر عظيم . وهذا مثل قوله - عليه السلام - في حديث القبرين : إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أي بالنسبة إليكم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features