لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75)

قال الله تعالى : ( لا يستطيعون نصرهم ) أي : لا تقدر الآلهة على نصر عابديها ، بل هي أضعف من ذلك وأقل وأذل وأحقر وأدخر ، بل لا تقدر على الانتصار لأنفسها ، ولا الانتقام ممن أرادها بسوء ; لأنها جماد لا تسمع ولا تعقل .
وقوله : ( وهم لهم جند محضرون ) : قال مجاهد : يعني : عند الحساب ، يريد أن هذه الأصنام محشورة مجموعة يوم القيامة ، محضرة عند حساب عابديها ; ليكون ذلك أبلغ في خزيهم ، وأدل عليهم في إقامة الحجة عليهم .
وقال قتادة : ( لا يستطيعون نصرهم ) يعني الآلهة ، ( وهم لهم جند محضرون ) ، والمشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ، ولا تدفع عنهم سوءا ، إنما هي أصنام .
وهكذا قال الحسن البصري . وهذا القول حسن ، وهو اختيار ابن جرير ، رحمه الله .
لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75)

لا يستطيعون نصرهم يعني الآلهة . وجمعوا بالواو والنون ; لأنه أخبر عنهم بخبر الآدميين . " وهم " يعني الكفار " لهم " أي للآلهة " جند محضرون " قال الحسن : يمنعون منهم ويدفعون عنهم . وقال قتادة : أي : يغضبون لهم في الدنيا . وقيل : المعنى أنهم يعبدون الآلهة ويقومون بها ، فهم لها بمنزلة الجند وهي لا تستطيع أن تنصرهم . وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى . وقيل : إن الآلهة جند للعابدين محضرون معهم في النار . فلا يدفع بعضهم عن بعض . وقيل : معناه : وهذه الأصنام لهؤلاء الكفار جند الله عليهم في جهنم ، لأنهم يلعنونهم ويتبرءون من عبادتهم . وقيل : الآلهة جند لهم محضرون يوم القيامة لإعانتهم في ظنونهم . وفي الخبر : إنه يمثل لكل قوم ما كانوا يعبدونه في الدنيا من دون الله فيتبعونه إلى النار ، فهم لهم جند محضرون .
قلت : ومعنى هذا الخبر ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة ، وفي الترمذي عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ، ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول : ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد . فيمثل لصاحب الصليب صليبه ، ولصاحب التصاوير تصاويره ، ولصاحب النار ناره ، فيتبعون ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون . . . وذكر الحديث بطوله .
لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ (75)

هذا بيان لبطلان آلهة المشركين، التي اتخذوها مع اللّه تعالى، ورجوا نصرها وشفعها، فإنها في غاية العجز { لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ } ولا أنفسهم ينصرون، فإذا كانوا لا يستطيعون نصرهم، فكيف ينصرونهم؟ والنصر له شرطان: الاستطاعة [والقدرة] فإذا استطاع، يبقى: هل يريد نصرة من عبده أم لا؟ فَنَفْيُ الاستطاعة، ينفي الأمرين كليهما.
{ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ } أي: محضرون هم وهم في العذاب، ومتبرئ بعضهم من بعض، أفلا تبرأوا في الدنيا من عبادة هؤلاء، وأخلصوا العبادة للذي بيده الملك والنفع والضر، والعطاء والمنع، وهو الولي النصير؟
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features