لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)

قوله : ( لكم فيها منافع ) أي : لكم في البدن منافع ، من لبنها ، وصوفها وأوبارها وأشعارها ، وركوبها .
( إلى أجل مسمى ) : قال مقسم ، عن ابن عباس [ في قوله ] : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) قال : ما لم يسم بدنا .
وقال مجاهد في قوله : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ) ، قال : الركوب واللبن والولد ، فإذا سميت بدنة أو هديا ، ذهب ذلك كله . وكذا قال عطاء ، والضحاك ، وقتادة ، [ ومقاتل ] وعطاء الخراساني ، وغيرهم .
وقال آخرون : بل له أن ينتفع بها وإن كانت هديا ، إذا احتاج إلى ذلك ، كما ثبت في الصحيحين عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة ، قال : " اركبها " . قال : إنها بدنة . قال : " اركبها ، ويحك " ، في الثانية أو الثالثة .
وفي رواية لمسلم ، عن جابر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها " .
وقال شعبة ، عن زهير بن أبي ثابت الأعمى ، عن المغيرة بن حذف ، عن علي; أنه رأى رجلا يسوق بدنة ومعها ولدها ، فقال : لا تشرب من لبنها إلا ما فضل عن ولدها ، فإذا كان يوم النحر فاذبحها وولدها .
وقوله : ( ثم محلها إلى البيت العتيق ) أي : محل الهدي وانتهاؤه إلى البيت العتيق ، وهو الكعبة ، كما قال تعالى : ( هديا بالغ الكعبة ) [ المائدة : 95 ] ، وقال ( والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) [ الفتح : 25 ] .
وقد تقدم الكلام على معنى " البيت العتيق " قريبا ، ولله الحمد .
وقال ابن جريج ، عن عطاء : كان ابن عباس يقول : كل من طاف بالبيت ، فقد حل ، قال الله تعالى : ( ثم محلها إلى البيت العتيق )
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)

قوله تعالى : لكم فيها منافع يعني البدن من الركوب ، والدر ، والنسل ، والصوف ، وغير ذلك ، إذا لم يبعثها ربها هديا ، فإذا بعثها فهو الأصل المسمى ؛ قال ابن عباس . فإذا صارت بدنا هديا فالمنافع فيها أيضا ركوبها عند الحاجة ، وشرب لبنها بعد ري فصيلها .
وفي الصحيح عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يسوق بدنة فقال : اركبها فقال : إنها بدنة . فقال : ( اركبها ) قال : إنها بدنة . قال : ( اركبها ويلك ) في الثانية ، أو الثالثة ) . وروي عن جابر بن عبد الله وسئل عن ركوب الهدي فقال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا . والأجل المسمى على هذا القول نحرها ؛ قاله عطاء بن أبي رباح .
ذهب بعض العلماء إلى وجوب ركوب البدنة لقوله - عليه الصلاة والسلام - : اركبها . وممن أخذ بظاهره أحمد ، وإسحاق ، وأهل الظاهر . وروى ابن نافع ، عن مالك : لا بأس بركوب البدنة ركوبا غير فادح . والمشهور أنه لا يركبها إلا إن اضطر إليها لحديث جابر فإنه مقيد ، والمقيد يقضي على المطلق . وبنحو ذلك قال الشافعي ، وأبو حنيفة . ثم إذا ركبها عند الحاجة نزل ؛ قال إسماعيل القاضي . وهو الذي يدل عليه مذهب مالك ، وهو خلاف ما ذكره ابن القاسم أنه لا يلزمه النزول ، وحجته إباحة النبي - صلى الله عليه وسلم - له الركوب فجاز له استصحابه . وقوله : إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا يدل على صحة ما قاله الإمام الشافعي وأبو حنيفة - رضي الله عنهما - ؛ وما حكاه إسماعيل عن مذهب مالك . وقد جاء صريحا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا يسوق بدنة وقد جهد ، فقال : اركبها . وقال أبو حنيفة ، والشافعي : إن نقصها الركوب المباح فعليه قيمة ذلك ويتصدق به .
قوله تعالى : ثم محلها إلى البيت العتيق يريد أنها تنتهي إلى البيت ، وهو الطواف . فقوله : ( محلها ) مأخوذ من إحلال المحرم . والمعنى أن شعائر الحج كلها من الوقوف بعرفة ، ورمي الجمار ، والسعي ينتهي إلى طواف الإفاضة بالبيت العتيق . فالبيت على هذا التأويل مراد بنفسه ؛ قاله مالك في الموطإ . وقال عطاء : ينتهي إلى مكة . وقال الشافعي : إلى الحرم . وهذا بناء على أن الشعائر هي البدن ، ولا وجه لتخصيص الشعائر مع عمومها وإلغاء خصوصية ذكر البيت . والله أعلم .
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)

{ لَكُمْ فِيهَا } أي: [في] الهدايا { مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } هذا في الهدايا المسوقة، من البدن ونحوها، ينتفع بها أربابها، بالركوب، والحلب ونحو ذلك، مما لا يضرها { إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى } مقدر، موقت وهو ذبحها إذا وصلت مَحِلُّهَا وهو الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، أي: الحرم كله " منى " وغيرها، فإذا ذبحت، أكلوا منها وأهدوا، وأطعموا البائس الفقير.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features