وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)

يقول تعالى : وكم أهلكنا قبل هؤلاء المنكرين : ( من قرن هم أشد منهم بطشا ) أي : كانوا أكثر منهم وأشد قوة ، وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها ; ولهذا قال هاهنا : ( فنقبوا في البلاد ) قال ابن عباس : أثروا فيها . وقال مجاهد : ( فنقبوا في البلاد ) : ضربوا في الأرض . وقال قتادة : فساروا في البلاد ، أي ساروا فيها يبتغون الأرزاق والمتاجر والمكاسب أكثر مما طفتم أنتم فيها ويقال لمن طوف في البلاد : نقب فيها . قال امرؤ القيس :
لقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
وقوله : ( هل من محيص ) أي : هل من مفر كان لهم من قضاء الله وقدره ؟ وهل نفعهم ما جمعوه ورد عنهم عذاب الله إذ جاءهم لما كذبوا الرسل ؟ فأنتم أيضا لا مفر لكم ولا محيد ولا مناص ولا محيص .
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)

قوله تعالى : وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا أي كم أهلكنا يا محمد قبل قومك من أمة هم أشد منهم بطشا وقوة .
فنقبوا في البلاد هل من محيص أي ساروا فيها طلبا للمهرب . وقيل : أثروا في البلاد ; قاله ابن عباس . وقال مجاهد : ضربوا وطافوا . وقال النضر بن شميل : دوروا . وقال قتادة : طوفوا . وقال المؤرج : تباعدوا ; ومنه قول امرئ القيس : وقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب ثم قيل : طافوا في أقاصي البلاد طلبا للتجارات ، وهل وجدوا من الموت محيصا ؟ . وقيل : طوفوا في البلاد يلتمسون محيصا من الموت . قال الحارث بن حلزة : نقبوا في البلاد من حذر المو ت وجالوا في الأرض كل مجال وقرأ الحسن وأبو العالية : " فنقبوا " بفتح القاف وتخفيفها . والنقب هو الخرق والدخول في الشيء . وقيل : النقب الطريق في الجبل ، وكذلك المنقب والمنقبة ; عن ابن السكيت . ونقب الجدار نقبا ، واسم تلك النقبة نقب أيضا ، وجمع النقب النقوب ; أي خرقوا البلاد وساروا في نقوبها . وقيل : أثروا فيها كتأثير الحديد فيما ينقب . وقرأ السلمي يحيى بن يعمر " فنقبوا " بكسر القاف والتشديد على الأمر بالتهديد والوعيد ; أي طوفوا البلاد وسيروا فيها فانظروا هل من الموت محيص ومهرب ; ذكره الثعلبي . وحكى القشيري " فنقبوا " بكسر القاف مع التخفيف ; أي أكثروا السير فيها حتى نقبت دوابهم . الجوهري : ونقب البعير بالكسر إذا رقت أخفافه ، وأنقب الرجل ، إذا نقب بعيره ، ونقب الخف الملبوس أي تخرق . والمحيص مصدر حاص عنه يحيص حيصا وحيوصا ومحيصا ومحاصا وحيصانا ; أي عدل وحاد . يقال : ما عنه محيص أي محيد ومهرب . والانحياص مثله ; يقال للأولياء : حاصوا عن العدو وللأعداء انهزموا .
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ (36)

قوله - عز وجل - : ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد ) ضربوا وساروا وتقلبوا وطافوا ، وأصله من النقب ، وهو الطريق كأنهم سلكوا كل طريق ( هل من محيص ) فلم يجدوا محيصا من أمر الله . وقيل : " هل من محيص " مفر من الموت ؟ فلم يجدوا [ منه مفرا ، وهذا إنذار ] لأهل مكة وأنهم على مثل سبيلهم لا يجدون مفرا عن الموت يموتون ، فيصيرون إلى عذاب الله .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features