الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)

وقوله تعالى : ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) : هذا حال الكفار والمنافقين يوم القيامة ، حين ينكرون ما اجترموه في الدنيا ، ويحلفون ما فعلوه ، فيختم الله على أفواههم ، ويستنطق جوارحهم بما عملت .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن أبي شيبة ، حدثنا منجاب بن الحارث التميمي ، حدثنا أبو عامر الأسدي ، حدثنا سفيان ، عن عبيد المكتب ، عن الفضيل بن عمرو ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فضحك حتى بدت نواجذه ، ثم قال : " أتدرون مم أضحك ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : " من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ، يقول : رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول : بلى . فيقول : لا أجيز علي إلا شاهدا من نفسي . فيقول كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ، وبالكرام الكاتبين شهودا . فيختم على فيه ، ويقال لأركانه : انطقي . فتنطق بعمله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول : بعدا لكن وسحقا ، فعنكن كنت أناضل " .
وقد رواه مسلم والنسائي ، كلاهما عن أبي بكر بن أبي النضر ، عن أبي النضر ، عن عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي ، عن سفيان - هو الثوري - به . ثم قال النسائي : [ لا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن سفيان غير الأشجعي ، وهو حديث غريب ، والله تعالى أعلم .
كذا قال ، وقد تقدم من رواية أبي عامر عبد الملك بن عمرو الأسدي - وهو العقدي - عن سفيان .
وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر ، عن بهز بن حكيم ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إنكم تدعون مفدمة أفواهكم بالفدام ، فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكتفه " . رواه النسائي ] عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق ، به .
وقال سفيان بن عيينة ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة الطويل ، قال فيه : " ثم يلقى الثالث فيقول : ما أنت ؟ فيقول : أنا عبدك ، آمنت بك وبنبيك وبكتابك ، وصمت وصليت وتصدقت - ويثني بخير ما استطاع - قال : فيقال له : ألا نبعث عليك شاهدنا ؟ قال : فيفكر في نفسه ، من الذي يشهد عليه ، فيختم على فيه ، ويقال لفخذه : انطقي . فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل ، وذلك المنافق ، وذلك ليعذر من نفسه . وذلك الذي سخط الله عليه " .
ورواه مسلم وأبو داود ، من حديث سفيان بن عيينة ، به بطوله .
ثم قال ابن أبي حاتم ، رحمه الله : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، حدثنا ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد ، عن عقبة بن عامر ; أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه ، فخذه من الرجل اليسرى " . .
ورواه ابن جرير عن محمد بن عوف ، عن عبد الله بن المبارك ، عن إسماعيل بن عياش ، به مثله .
وقد جود إسناده الإمام أحمد ، رحمه الله ، فقال : حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد الحضرمي ، عمن حدثه عن عقبة بن عامر ; أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه ، فخذه من الرجل الشمال " .
وقال ابن جرير : حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن علية ، حدثنا يونس بن عبيد ، عن حميد بن هلال قال : قال أبو بردة : قال أبو موسى هو الأشعري ، رضي الله عنه - : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة ، فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ، فيعترف فيقول : نعم أي رب ، عملت عملت عملت . قال : فيغفر الله له ذنوبه ، ويستره منها . قال : فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذنوب شيئا ، وتبدو حسناته ، فود أن الناس كلهم يرونها ، ويدعى الكافر والمنافق للحساب ، فيعرض ربه عليه عمله ، فيجحد فيقول : أي رب ، وعزتك لقد كتب علي هذا الملك ما لم أعمل . فيقول له الملك : أما عملت كذا ، في يوم كذا ، في مكان كذا ؟ فيقول : لا وعزتك أي رب ما عملته . فإذا فعل ذلك ختم على فيه . قال أبو موسى الأشعري : فإني أحسب أول ما ينطق منه الفخذ اليمنى ، ثم تلا ( اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) .
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)

( نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ) هذا حين ينكر الكفار كفرهم وتكذيبهم الرسل ، فيختم على أفواههم وتشهد عليهم جوارحهم .
أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن حفصويه السرخسي ، سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، أخبرنا أبو يزيد حاتم بن محبوب ، أخبرنا عبد الجبار بن العلاء ، أخبرنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال : سأل الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : " هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحاب " ؟ قالوا : لا يا رسول الله ، قال : " فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة " ؟ قالوا : لا ، قال : " فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم كما لا تضارون في رؤية أحدهما " ، قال : " فيلقى العبد فيقول : أي عبدي ألم أكرمك ؟ ألم أسودك ألم أزوجك ألم أسخر لك الخيل والإبل وأذرك تترأس وتتربع ؟ قال : بلى يا رب ، قال : فظننت أنك ملاقي ؟ قال : لا ، قال : فاليوم أنساك كما نسيتني . قال : فيلقى الثاني فيقول : ألم أكرمك ، ألم أسودك ، ألم أزوجك ، ألم أسخر لك الخيل والإبل وأتركك تترأس وتتربع ؟ - وقال غيره عن سفيان : ترأس وتربع في الموضعين - قال : فيقول : بلى يا رب ، فيقول : ظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا يا رب قال : فاليوم أنساك كما نسيتني . ثم يلقى الثالث فيقول ؟ ما أنت ؟ فيقول : أنا عبدك آمنت بك وبنبيك وبكتابك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع قال : فيقال له : ألم نبعث عليك شاهدنا ؟ قال : فيتفكر في نفسه من الذي يشهد علي فيختم على فيه ، ويقال لفخذه : انطقي قال : فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل ، وذلك المنافق ؛ وذلك ليعذر من نفسه وذلك الذي سخط الله عليه " .
أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد الطاهري ، أخبرنا جدي أبو سهل عبد الصمد بن عبد الرحمن البزاز ، أخبرنا محمد بن زكريا العذافري ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الدبري ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن بهز بن حكيم بن معاوية ، عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إنكم تدعون فيفدم على أفواهكم بالفدام فأول ما يسأل عن أحدكم فخذه وكفه "
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أخبرنا عبد الغافر بن محمد ، أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أخبرنا مسلم بن الحجاج ، أخبرنا أبو بكر بن أبي النضر ، حدثني هاشم بن القاسم ، أخبرنا عبد الله الأشجعي ، عن سفيان الثوري ، عن عبيد المكتب ، عن فضيل ، عن الشعبي ، عن أنس بن مالك قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضحك فقال : " هل تدرون مم أضحك " ؟ قال : قلنا الله ورسوله أعلم ، قال : " من مخاطبة العبد ربه " يقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ؟ قال : فيقول : بلى ، قال : فيقول : فإني لا أجير على نفسي إلا شاهدا مني ، قال : فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا وبالكرام الكاتبين شهودا ، قال : فيختم على فيه ، فيقال لأركانه : انطقي قال : فتنطق بأعماله ، قال : ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول : بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل "
الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)

قال الله تعالى في بيان وصفهم الفظيع في دار الشقاء: { الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ } بأن نجعلهم خرسا فلا يتكلمون، فلا يقدرون على إنكار ما عملوه من الكفر والتكذيب. { وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي: تشهد عليهم أعضاؤهم بما عملوه، وينطقها الذي أنطق كل شيء.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features