سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58)

وقوله : ( سلام قولا من رب رحيم ) قال ابن جريج : قال ابن عباس في قوله : ( سلام قولا من رب رحيم ) فإن الله نفسه سلام على أهل الجنة .
وهذا الذي قاله ابن عباس كقوله تعالى : ( تحيتهم يوم يلقونه سلام ) [ الأحزاب : 44 ]
وقد روى ابن أبي حاتم هاهنا حديثا ، وفي إسناده نظر ، فإنه قال : حدثنا موسى بن يوسف ، حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، حدثنا أبو عاصم العباداني ، حدثنا الفضل الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بينا أهل الجنة في نعيمهم ، إذ سطع لهم نور ، فرفعوا رءوسهم ، فإذا الرب تعالى قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة . فذلك قوله : ( سلام قولا من رب رحيم ) . قال : " فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه ، حتى يحتجب عنهم ، ويبقى نوره وبركته عليهم وفي ديارهم " .
ورواه ابن ماجه في " كتاب السنة " من سننه ، عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، به .
وقال ابن جرير : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، أخبرنا ابن وهب ، حدثنا حرملة ، عن سليمان بن حميد قال : سمعت محمد بن كعب القرظي يحدث عن عمر بن عبد العزيز قال : إذا فرغ الله من أهل الجنة والنار ، أقبل في ظلل من الغمام والملائكة ، قال : فيسلم على أهل الجنة ، فيردون عليه السلام - قال القرظي : وهذا في كتاب الله ( سلام قولا من رب رحيم ) - فيقول : سلوني . فيقولون : ماذا نسألك أي رب ؟ قال : بلى سلوني . قالوا : نسألك - أي رب - رضاك . قال : رضائي أحلكم دار كرامتي . قالوا : يا رب ، فما الذي نسألك ، فوعزتك وجلالك وارتفاع مكانك ، لو قسمت علينا رزق الثقلين لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم ، لا ينقصنا ذلك شيئا . قال : إن لدي مزيدا . قال فيفعل ذلك بهم في درجهم ، حتى يستوي في مجلسه . قال : ثم تأتيهم التحف من الله ، عز وجل ، تحملها إليهم الملائكة . ثم ذكر نحوه .
وهذا أثر غريب ، أورده ابن جرير من طرق .
سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58)

( سلام قولا من رب رحيم ) أي : يسلم الله عليهم قولا أي : يقول الله لهم قولا .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرنا عبد الخالق بن علي بن عبد الخالق المؤذن ، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى الملحمي الأصفهاني ، أخبرنا الحسن بن أبي علي الزعفراني ، أخبرنا ابن أبي الشوارب ، أخبرنا أبو عاصم العباداني ، أخبرنا الفضل الرقاشي ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم ، فإذا الرب - عز وجل - قد أشرف عليهم من فوقهم ، فقال : السلام عليكم يا أهل الجنة ، فذلك قوله : " سلام قولا من رب رحيم " فينظر إليهم وينظرون إليه ، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه حتى يحتجب عنهم فيبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم " .
وقيل : تسلم عليهم الملائكة من ربهم .
قال مقاتل : تدخل الملائكة على أهل الجنة من كل باب يقولون : سلام عليكم يا أهل الجنة من ربكم الرحيم .
وقيل : يعطيهم السلامة ، يقول : اسلموا السلامة الأبدية .
سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ (58)

ولهم أيضا { سَلَامٌ } حاصل لهم { مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ } ففي هذا كلام الرب تعالى لأهل الجنة وسلامه عليهم، وأكده بقوله: { قَوْلًا } وإذا سلم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلامة التامة من جميع الوجوه، وحصلت لهم التحية، التي لا تحية أعلى منها، ولا نعيم مثلها، فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرءوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الذي أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا، فلولا أن اللّه تعالى قدر أن لا يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنها من الفرح والبهجة والسرور، لحصل ذلك.
فنرجو ربنا أن لا يحرمنا ذلك النعيم، وأن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features