إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)

ثم قال : ( إني وجدت امرأة تملكهم ) ، قال الحسن البصري : وهي بلقيس بنت شراحيل ملكة سبأ .
وقال قتادة : كانت أمها جنية ، وكان مؤخر قدميها مثل حافر الدابة ، من بيت مملكة .
وقال زهير بن محمد : وهي بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن الريان ، وأمها فارعة الجنية .
وقال ابن جريج : بلقيس بنت ذي شرخ ، وأمها يلتقة .
وقال ابن أبى حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا مسدد ، حدثنا سفيان - يعني ابن عيينة - عن عطاء بن السائب ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : كان مع صاحبة سليمان ألف قيل ، تحت كل قيل مائة ألف [ مقاتل ] .
وقال الأعمش ، عن مجاهد : كان تحت يدي ملكة سبأ اثنا عشر ألف قيل ، تحت كل قيل : مائة ألف مقاتل .
وقال عبد الرزاق : أنبأنا معمر ، عن قتادة في قوله : ( إني وجدت امرأة تملكهم ) : كانت من بيت مملكة ، وكان أولو مشورتها ثلاثمائة واثني عشر رجلا كل رجل منهم على عشرة آلاف رجل . وكانت بأرض يقال لها مأرب ، على ثلاثة أميال من صنعاء .
وهذا القول هو أقرب ، على أنه كثير على مملكة اليمن ، والله أعلم .
وقوله : ( وأوتيت من كل شيء ) أي : من متاع الدنيا ما يحتاج إليه الملك المتمكن ، ( ولها عرش عظيم ) يعني : سرير تجلس عليه عظيم هائل مزخرف بالذهب ، وأنواع الجواهر واللآلئ .
قال زهير بن محمد : كان من ذهب صفحتاه ، مرمول بالياقوت والزبرجد . [ طوله ثمانون ذراعا ، وعرضه أربعون ذراعا .
وقال محمد بن إسحاق : كان من ذهب مفصص بالياقوت والزبرجد ] واللؤلؤ ، وكان إنما يخدمها النساء ، لها ستمائة امرأة تلي الخدمة .
قال علماء التاريخ : وكان هذا السرير في قصر عظيم مشيد رفيع البناء محكم ، كان فيه ثلاثمائة وستون طاقة من شرقه ومثلها من غربه ، قد وضع بناؤه على أن تدخل الشمس كل يوم من طاقة ، وتغرب من مقابلتها ، فيسجدون لها صباحا ومساء ;
إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)

فقال سليمان : وما ذاك ؟ قال : ( إني وجدت امرأة تملكهم ) وكان اسمها بلقيس بنت شراحيل ، من نسل يعرب بن قحطان ، وكان أبوها ملكا عظيم الشأن ، قد ولد له أربعون ملكا هو آخرهم ، وكان يملك أرض اليمن كلها ، وكان يقول لملوك الأطراف : ليس أحد منكم كفؤا لي ، وأبى أن يتزوج فيهم ، فزوجوه امرأة من الجن يقال لها ريحانة بنت السكن ، فولدت له بلقيس ، ولم يكن له ولد غيرها ، وجاء في الحديث : إن إحدى أبوي بلقيس كان جنيا . فلما مات أبو بلقيس طمعت في الملك فطلبت من قومها أن يبايعوها فأطاعها قوم وعصاها قوم آخرون ، فملكوا عليهم رجلا وافترقوا فرقتين ، كل فرقة استولت على طرف من أرض اليمن ، ثم إن الرجل الذي ملكوه أساء السيرة في أهل مملكته حتى كان يمد يده إلى حرم رعيته ويفجر بهن ، فأراد قومه خلعه فلم يقدروا عليه ، فلما رأت ذلك بلقيس أدركتها الغيرة فأرسلت إليه تعرض نفسها عليه ، فأجابها الملك ، وقال : ما منعني أن أبتدئك بالخطبة إلا اليأس منك ، فقالت لا أرغب عنك ، كفؤ كريم ، فاجمع رجال قومي واخطبني إليهم ، فجمعهم وخطبها إليهم ، فقالوا : لا نراها تفعل هذا ، فقال لهم : إنها ابتدأتني فأنا أحب أن تسمعوا قولها فجاؤوها ، فذكروا لها ، فقالت : نعم أحببت الولد . فزوجوها منه ، فلما زفت إليه خرجت في أناس كثير من حشمها ، فلما جاءته سقته الخمر حتى سكر ، ثم جزت رأسه وانصرفت من الليل إلى منزلها ، فلما أصبح الناس رأوا الملك قتيلا ورأسه منصوب على باب دارها ، فعلموا أن تلك المناكحة كانت مكرا وخديعة منها ، فاجتمعوا إليها وقالوا : أنت بهذا الملك أحق من غيرك ، فملكوها .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أخبرنا محمد بن إسماعيل ، أخبرنا عثمان بن الهيثم ، أخبرنا عوف ، عن الحسن ، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " . قوله تعالى : ) ( وأوتيت من كل شيء ) يحتاج إليه الملوك من الآلة والعدة ) ( ولها عرش عظيم ) سرير ضخم كان مضروبا من الذهب مكللا بالدر والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر ، وقوائمه من الياقوت والزمرد ، وعليه سبعة أبيات على كل بيت باب مغلق . قال ابن عباس : كان عرش بلقيس ثلاثين ذراعا في ثلاثين ذراعا : وطوله في السماء ثلاثون ذراعا . وقال مقاتل : كان طوله ثمانين ذراعا وطوله في السماء ثمانين ذراعا . وقيل : كان طوله ثمانين ذراعا وعرضه أربعين ذراعا وارتفاعه ثلاثين ذراعا .
إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23)

ثم فسر هذا النبأ فقال: إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ أي: تملك قبيلة سبأ وهي امرأة وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يؤتاه الملوك من الأموال والسلاح والجنود والحصون والقلاع ونحو ذلك. وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ أي: كرسي ملكها الذي تجلس عليه عرش هائل، وعظم العروش تدل على عظمة المملكة وقوة السلطان وكثرة رجال الشورى.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features