مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20)

( من كان يريد حرث الآخرة ) الحرث في اللغة : الكسب ، يعني : من كان يريد بعمله الآخرة ، ( نزد له في حرثه ) بالتضعيف بالواحد عشرة إلى ما شاء الله من الزيادة . ( ومن كان يريد حرث الدنيا ) يريد بعمله الدنيا ، ( نؤته منها ) قال قتادة : أي : نؤته بقدر ما قسم الله له ، كما قال : " عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد " ( الإسراء - 18 ) . ( وما له في الآخرة من نصيب ) لأنه لم يعمل للآخرة .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أخبرنا أبو طاهر الزيادي ، أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال ، حدثنا أبو الأزهر أحمد بن منيع العبدي ، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي ، حدثنا سفيان عن المغيرة عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " بشرت هذه الأمة بالسنا والرفعة والنصر والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب " .
مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20)

( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نـزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) يقول تعالى ذكره: من كان يريد بعمله الآخرة نـزد له في حرثه: يقول: نـزد له في عمله الحسن, فنجعل له بالواحدة عشرا, إلى ما شاء ربنا من الزيادة ( وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا ) يقول: ومن كان يريد بعمله الدنيا ولها يسعى لا للآخرة, نؤته منها ما قسمنا له منها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نـزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ )... إلى ( وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) قال: يقول: من كان إنما يعمل للدنيا نؤته منها.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نـزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا ) .... الآية, يقول: من آثر دنياه على آخرته لم نجعل له نصيبا في الآخرة إلا النار, ولم نـزده بذلك من الدنيا شيئا إلا رزقا قد فرغ منه وقسم له.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نـزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) قال: من كان يريد الآخرة وعملها نـزد له في عمله ( وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا )... إلى آخر الآية, قال: من أراد الدنيا وعملها آتيناه منها, ولم نجعل له في الآخرة من نصيب, الحرث العمل, من عمل للآخرة أعطاه الله, ومن عمل للدنيا أعطاه الله.
حدثني محمد, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله: ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نـزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ) قال: من كان يريد عمل الآخرة نـزد له في عمله.
وقوله: ( وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) قال: للكافر عذاب أليم.
مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ۖ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ (20)

ثم قال تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ } أي: أجرها وثوابها، فآمن بها وصدق، وسعى لها سعيها { نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } بأن نضاعف عمله وجزاءه أضعافا كثيرة، كما قال تعالى: { وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا } ومع ذلك، فنصيبه من الدنيا لا بد أن يأتيه.
{ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا } بأن: كانت الدنيا هي مقصوده وغاية مطلوبه، فلم يقدم لآخرته، ولا رجا ثوابها، ولم يخش عقابها. { نُؤْتِهِ مِنْهَا } نصيبه الذي قسم له، { وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } قد حرم الجنة ونعيمها، واستحق النار وجحيمها.
وهذه الآية، شبيهة بقوله تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ } إلى آخر الآيات.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features