وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)

( ولمن صبر وغفر ) فلم ينتصر ، ( إن ذلك ) الصبر والتجاوز ، ( لمن عزم الأمور ) حقها وجزمها . قال مقاتل : من الأمور التي أمر الله بها . قال الزجاج : الصابر يؤتى بصبره الثواب ، فالرغبة في الثواب أتم عزما .
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)

القول في تأويل قوله تعالى : وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (43)
يقول تعالى ذكره: ولمن صبر على إساءة إليه, وغفر للمسيء إليه جرمه إليه, فلم ينتصر منه, وهو على الانتصار منه قادر ابتغاء وجه الله وجزيل ثوابه.(إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) يقول: إن صبره ذلك وغفرانه ذنب المسيء إليه, لمن عزم الأمور التي ندب إليها (5) عباده, وعزم عليهم العمل به.
----------------
الهوامش :
(5) كذا في الأصول . ولعل فيه تحريفا من الناسخ ، وأصل العبارة : الذي ندب إليه ، بدليل ما بعده .
وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)

قوله تعالى : ولمن صبر وغفر أي صبر على الأذى وغفر أي : ترك الانتصار لوجه الله تعالى ، وهذا فيمن ظلمه مسلم . ويحكى أن رجلا سب رجلا في مجلس الحسن رحمه الله فكان المسبوب يكظم ويعرق فيمسح العرق ، ثم قام فتلا هذه الآية ، فقال الحسن : عقلها والله! وفهمها إذ ضيعها الجاهلون . وبالجملة العفو مندوب إليه ، ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه كما تقدم ، وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى ، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل عليه ، وهو أن زينب أسمعت عائشة - رضي الله عنهما بحضرته فكان ينهاها فلا تنتهي ، فقال لعائشة : دونك فانتصري خرجه مسلم في صحيحه بمعناه . وقيل : صبر عن المعاصي وستر على المساوئ . إن ذلك لمن عزم الأمور أي من عزائم الله التي أمر بها . وقيل : من عزائم الصواب التي وفق لها . وذكر الكلبي والفراء أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مع ثلاث آيات قبلها ، وقد شتمه بعض الأنصار فرد عليه ثم أمسك . وهي المدنيات من هذه السورة . وقيل : هذه الآيات في المشركين ، وكان هذا في ابتداء الإسلام قبل الأمر بالقتال ثم نسختها آية القتال ، وهو قول ابن زيد ، وقد تقدم . وفي تفسير ابن عباس ولمن انتصر بعد ظلمه يريد حمزة بن عبد المطلب ، وعبيدة وعليا وجميع المهاجرين رضوان الله عليهم . فأولئك ما عليهم من سبيل يريد حمزة بن عبد المطلب وعبيدة وعليا رضوان الله عليهم أجمعين . إنما السبيل على الذين يظلمون الناس يريد عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وأبا جهل والأسود ، وكل من قاتل من المشركين يوم بدر . ويبغون في الأرض يريد بالظلم والكفر . أولئك لهم عذاب أليم يريد : وجيع . ولمن صبر وغفر يريد : أبا بكر وعمر وأبا عبيدة بن الجراح ومصعب بن عمير وجميع أهل بدر رضوان الله عليهم أجمعين . إن ذلك لمن عزم الأمور حيث قبلوا الفداء وصبروا على الأذى .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features