مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)

(ما يفتح الله للناس من رحمة ) قيل : من مطر ورزق ( فلا ممسك لها ) لا يستطيع أحد على حبسها ( وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز ) فيما أمسك ) ( الحكيم ) فيما أرسل .
أخبرنا الإمام أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي ، أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت ، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي ، أخبرنا عبيد الله بن أسباط ، أخبرنا أبي ، أخبرنا عبد الملك بن عمير ، عن وراد ، عن المغيرة بن شعبة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة : " لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .
مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)

القول في تأويل قوله تعالى : مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)
يقول تعالى ذكره: مفاتيح الخير ومغالقه كلها بيده؛ فما يفتح الله للناس من خير فلا مُغلق له، ولا ممسك عنهم، لأن ذلك أمره لا يستطيع أمره أحد، وكذلك ما يغلق من خير عنهم فلا يبسطه عليهم ولا يفتحه لهم، فلا فاتح له سواه؛ لأن الأمور كلها إليه وله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ ) أي: من خير (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فلا يستطيع أحد حبسها(وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) وقال تعالى ذكره (فَلا مُمْسِكَ لَهَا) فأنث ما لذكر الرحمة من بعده وقال (وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ) فذكر للفظ " ما " لأن لفظه لفظ مذكر، ولو أنث في موضع التذكير للمعنى وذكر في موضع التأنيث للفظ، جاز، ولكن الأفصح من الكلام التأنيث إذا ظهر بعد ما يدل على تأنيثها والتذكير إذا لم يظهر ذلك.
وقوله (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يقول: وهو العزيز في نِقمته ممن انتقم منه من خلقه بحبس رحمته عنه وخيراته، الحكيم في تدبير خلقه وفتحه لهم الرحمة إذا كان فتح ذلك صلاحًا، وإمساكه إياه عنهم إذا كان إمساكه حكمة.
مَّا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)

قوله تعالى : ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وأجاز النحويون في غير القرآن ( فلا ممسك له ) على لفظ ( ما ) و ( لها ) على المعنى . وأجازوا ( وما يمسك فلا مرسل لها ) وأجازوا ( ما يفتح الله للناس من رحمة ) ( بالرفع ) تكون ( ما ) بمعنى الذي . أي أن الرسل بعثوا رحمة للناس فلا يقدر على إرسالهم غير الله . وقيل : ما يأتيهم به الله من مطر أو رزق فلا يقدر أحد أن يمسكه ، وما يمسك من ذلك فلا يقدر أحد على أن يرسله . وقيل : هو الدعاء : قاله الضحاك . ابن عباس : من توبة . وقيل : من توفيق وهداية .
قلت : ولفظ الرحمة يجمع ذلك إذ هي منكرة للإشاعة والإبهام ، فهي متناولة لكل رحمة على البدل ، فهو عام في جميع ما ذكر . وفي موطأ مالك : أنه بلغه أن أبا هريرة كان يقول إذا أصبح وقد مطر الناس : مطرنا بنوء الفتح ، ثم يتلو هذه الآية ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ) . ( وهو العزيز الحكيم ) تقدم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features