إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

قوله - عز وجل - : ( إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال ) الآية . أراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده ، عرضها على السماوات والأرض والجبال على أنهم إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم ، وهذا قول ابن عباس .
وقال ابن مسعود : الأمانة : أداء الصلوات ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت ، وصدق الحديث ، وقضاء الدين ، والعدل في المكيال والميزان ، وأشد من هذا كله الودائع .
وقال مجاهد : الأمانة : الفرائض ، وقضاء الدين .
وقال أبو العالية : ما أمروا به ونهوا عنه
وقال زيد بن أسلم : هو الصوم ، والغسل من الجنابة ، وما يخفى من الشرائع .
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : أول ما خلق الله من الإنسان فرجه وقال : هذه أمانة استودعتكها ، فالفرج أمانة ، والأذن أمانة ، والعين أمانة ، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، ولا إيمان لمن لا أمانة له .
وقال بعضهم : هي أمانات الناس والوفاء بالعهود ، فحق على كل مؤمن أن لا يغش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير ، وهي رواية الضحاك عن ابن عباس ، فعرض الله هذه الأمانة على أعيان السماوات والأرض والجبال ، هذا قول ابن عباس وجماعة من التابعين وأكثر السلف ، فقال لهن أتحملن هذه الأمانة بما فيها ؟ قلن : وما فيها ؟ قال : إن أحسنتن جوزيتن وإن عصيتن عوقبتن ، فقلن : لا يا ربنا ، نحن مسخرات لأمرك لا نريد ثوابا ولا عقابا ، وقلن ذلك خوفا وخشية وتعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها لا معصية ولا مخالفة ، وكان العرض عليهن تخييرا لا إلزاما ولو ألزمهن لم يمتنعن من حملها ، والجمادات كلها خاضعة لله - عز وجل - مطيعة ساجدة له كما قال جل ذكره للسماوات والأرض : " ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " ( فصلت - 11 ) ، وقال للحجارة : " وإن منها لما يهبط من خشية الله " ( البقرة - 74 ) ، وقال تعالى : " ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب " ( الحج - 18 ) الآية .
وقال بعض أهل العلم : ركب الله - عز وجل - فيهن العقل والفهم حين عرض الأمانة عليهن حتى عقلن الخطاب وأجبن بما أجبن .
وقال بعضهم : المراد من العرض على السماوات والأرض هو العرض على أهل السماوات والأرض ، عرضها على من فيها من الملائكة .
وقيل : على أهلها كلها دون أعيانها ، كقوله تعالى : " واسأل القرية " ( يوسف - 82 ) ، أي : أهل القرية . والأول أصح وهو قول العلماء .
( فأبين أن يحملنها وأشفقن منها ) أي : خفن من الأمانة أن لا يؤدينها فيلحقهن العقاب ( وحملها الإنسان ) يعني : آدم عليه السلام ، فقال الله لآدم : إني عرضت الأمانة على السماوات والأرض والجبال فلم تطقها فهل أنت آخذها بما فيها ؟ قال : يا رب وما فيها ؟ قال إن أحسنت جوزيت ، وإن أسأت عوقبت ، فتحملها آدم ، وقال : بين أذني وعاتقي ، قال الله تعالى : أما إذا تحملت فسأعينك ، اجعل لبصرك حجابا فإذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك فأرخ عليه حجابه ، واجعل للسانك لحيين غلقا فإذا غشيت فأغلق ، واجعل لفرجك لباسا فلا تكشفه على ما حرمت عليك .
قال مجاهد : فما كان بين أن تحملها وبين أن خرج من الجنة إلا مقدار ما بين الظهر والعصر
وحكى النقاش بإسناده عن ابن مسعود أنه قال : مثلت الأمانة كصخرة ملقاة ، ودعيت السماوات والأرض والجبال إليها فلم يقربوا منها ، وقالوا : لا نطيق حملها ، وجاء آدم من غير أن يدعى ، وحرك الصخرة ، وقال : لو أمرت بحملها لحملتها ، فقلن له : احملها ، فحملها إلى ركبتيه ثم وضعها ، وقال والله لو أردت أن أزداد لزدت ، فقلن له : احملها فحملها إلى حقوه ، ثم وضعها ، وقال : والله لو أردت أن أزداد لزدت ، فقلن له احمل فحملها حتى وضعها على عاتقه ، فأراد أن يضعها فقال الله : مكانك فإنها في عنقك وعنق ذريتك إلى يوم القيامة . ( إنه كان ظلوما جهولا ) قال ابن عباس : ظلوما لنفسه جهولا بأمر الله وما احتمل من الأمانة .
وقال الكلبي : ظلوما حين عصى ربه ، جهولا لا يدري ما العقاب في ترك الأمانة . وقال مقاتل : ظلوما لنفسه جهولا بعاقبة ما تحمل .
وذكر الزجاج وغيره من أهل المعاني ، في قوله وحملها الإنسان قولان ، فقالوا : إن الله ائتمن آدم وأولاده على شيء وائتمن السماوات والأرض والجبال على شيء ، فالأمانة في حق بني آدم ما ذكرنا في الطاعة والقيام بالفرائض ، والأمانة في حق السماوات والأرض والجبال هي الخضوع والطاعة لما خلقهن له . وقيل : قوله : ( فأبين أن يحملنها ) أي : أدين الأمانة ، يقال : فلان لم يتحمل الأمانة أي : لم يخن فيها وحملها الإنسان أي : خان فيها ، يقال : فلان حمل الأمانة أي : أثم فيها بالخيانة .
قال الله تعالى : " وليحملن أثقالهم " ( العنكبوت - 13 ) ، إنه كان ظلوما جهولا . حكي عن الحسن على هذا التأويل : أنه قال وحملها الإنسان يعني الكافر والمنافق ، حملا الأمانة أي : خانا . وقول السلف ما ذكرنا .
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

القول في تأويل قوله تعالى : إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا (72)
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك فقال بعضهم: معناه: إن الله عرض طاعته وفرائضه على السموات والأرض والجبال على أنها إن أحسنت أثيبت وجوزيت، وإن ضيعت عوقبت، فأبت حملها شفقًا منها أن لا تقوم بالواجب عليها، وحملها آدم (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا) لنفسه (َجُهولا) بالذي فيه الحظ له.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم عن أَبي بشر عن سعيد بن جبير في قوله ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ) قال: الأمانة: الفرائض التي افترضها الله على العباد.
قال: ثنا هشيم عن العوام عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس في قوله ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا ) قال: الأمانة الفرائض التي افترضها الله على عباده.
قال: ثنا هشيم قال أخبرنا العوام بن حوشب وجويبر (1) كلاهما عن الضحاك عن ابن عباس في قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ ...) إلى قوله: (جَهُولا) قال: الأمانة الفرائض. قال جويبر في حديثه: فلما عرضت على آدم قال: أي رب وما الأمانة؟ قال: قيل: إن أديتها جزيت، وإن ضيعتها عوقبت، قال: أي رب حملتها بما فيها، قال: فما مكث في الجنة إلا قدر ما بين العصر إلى غروب الشمس حتى عمل بالمعصية، فأخرج منها.
حدثنا ابن بشار قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أَبي بشر عن سعيد عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ) قال: عرضت على آدم، فقال: خذها بما فيها فإن أطعت غفرت لك وإن عصيت عذبتك، قال: قد قبلت، فما كان إلا قدر ما بين العصر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الخطيئة.
حدثني علي قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله: ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ ) إن أدوها أثابهم وإن ضيعوها عذبهم، فكرهوا ذلك، وأشفقوا من غير معصية، ولكن تعظيما لدين الله أن لا يقوموا بها، ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها، وهو قوله: ( وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ) غرًّا بأمر الله.
حدثني محمد بن سعد قال: ثني أَبى قال: ثني عمي قال: ثني أَبي عن أبيه عن ابن عباس قوله (إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ) : الطاعة عرضها عليها قبل أن يعرضها على آدم، فلم تطقها، فقال لآدم: يا آدم إني قد عرضت الأمانة على السموات والأرض والجبال، فلم تطقها، فهل أنت آخذها بما فيها؟ فقال: يا رب: وما فيها؟ قال: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، فأخذها آدم فتحملها فذلك قوله ( وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ) .
حدثنا ابن بشار قال: ثنا أَبو أحمد الزبيري قال: ثنا سفيان عن رجل عن الضحاك بن مزاحم في قوله ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ) قال: آدم قيل له خذها بحقها قال وما حقها؟ قيل: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت، فما لبث ما بين الظهر والعصر حتى أخرج منها.
حُدثت عن الحسين قال سمعت أبا معاذ يقول أخبرنا عبيد قال سمعت الضحاك يقول في قوله: ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ ) فلم يطقن حملها فهل أنت يا آدم آخذها بما فيها؟ قال آدم وما فيها يا رب؟ قال: إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت فقال: تحملتها، فقال الله تبارك وتعالى: قد حملتكها، فما مكث آدم إلا مقدار ما بين الأولى إلى العصر حتى أخرجه إبليس لعنه الله من الجنة، والأمانة الطاعة.
حدثني سعيد بن عمرو السكوني قال ثنا بقية قال ثني عيسى بن إبراهيم عن موسى بن أبي حبيب عن الحكم بن عمرو وكان من أصحاب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: قال النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " إِنَّ الأمَانَةَ وَالْوَفَاءَ نـزلا عَلَى ابنِ آدَمَ مَعَ الأنْبِيَاءِ، فَأُرْسِلُوا بِهِ؛ فَمِنهُمْ رَسُولَ اللهِ وَمِنْهُمْ نَبِي وَمِنْهُمْ نَبِي رَسُولٌ، نـزل القرآن وهو كلام الله ونـزلت العربية والعجمية، فعلموا أمر القرآن وعلموا أمر السنن بألسنتهم، ولم يدع الله شيئًا من أمره مما يأتون ومما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بينة لهم، فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح. ثم الأمانة أول شيء يرفع، ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس، ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم، وتبقى الكتب؛ فعالم يعمل وجاهل يعرفها وينكرها حتى وصل إليَّ وإلى أمتي فلا يهلك على الله إلا هالك، ولا يغفله إلا تارك، والحذر &; 20-339 &; أيها الناس، وإياكم والوسواس الخناس، وإنما يبلوكم أيكم أحسن عملا ".
حدثني محمد بن خلف العسقلاني قال ثنا عبد الله بن عبد المجيد الحنفي قال ثنا العوام العطار قال ثنا قتادة وأبان بن أبي عياش عن خليد العصري عن أَبي الدرداء قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " خمس من جاء بهن يوم القيامة مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس؛ على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وأعطى الزكاة من ماله طيب النفس بها " وكان يقول: وايم الله لا يفعل ذلك إلا مؤمن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إلى ذلك سبيلا وأدى الأمانة، قالوا: يا أبا الدرداء وما الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة فإن الله لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيره.
حدثنا ابن بشار قال: ثنا عبد الرحمن قال: ثنا سفيان عن الأعمش عن أَبي الضحى عن مسروق عن أُبي بن كعب، قال: من الأمانة أن المرأة اؤتمنت على فرجها.
حدثني يونس قال: ثنا ابن وهب قال: قال ابن زيد في قول الله ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ) قال: إن الله عرض عليهن الأمانة أن يفترض عليهن الدين، ويجعل لهن ثوابًا وعقابًا، ويستأمنهن على الدين، فقلن: لا نحن مسخرات لأمرك، لا نريد ثوابًا ولا عقابًا، قال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: " وعرضها الله على آدم، فقال: بين أذني وعاتقي" . قال ابن زيد فقال الله له: أما إذ تحملت هذا فسأعينك، أجعل لبصرك حجابًا إذا خشيت أن تنظر إلى ما لا يحل لك، فأرْخ عليه حجابه، وأجعل للسانك بابًا وغلقًا، فإذا خشيت فأغلق، وأجعل لفرجك لباسًا، فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك.
حدثنا بشر قال: ثنا يزيد قال: ثنا سعيد عن قتادة قوله ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ ) يعني به: الدين والفرائض والحدود ( فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا ) قيل لهن: احملنها تؤدين حقها؟ فقلن: لا نطيق ذلك ( وَحَمَلَهَا الإنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا ) قيل له: أتحملها؟ قال: نعم، قيل: أتؤدي حقها؟ قال: نعم، قال الله: إنه كان ظلومًا جهولا عن حقها.
وقال آخرون: بل عنى بالأمانة في هذا الموضع: أمانات الناس.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا تميم بن المنتصر قال: ثنا إسحاق عن شريك عن الأعمش عن عبد الله بن السائب عن زاذان عن عبد الله بن مسعود عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه قال: " القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها، أو قال: يكفر كل شيء إلا الأمانة؛ يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له: أد أمانتك، فيقول: أي رب وقد ذهبت الدنيا، ثلاثًا. فيقال: اذهبوا به إلى الهاوية، فيذهب به إليها، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها، فيجدها هناك كهيئتها، فيحملها فيضعها على عاتقه فيصعد بها إلى شفير جهنم، حتى إذا رأى أنه قد خرج زلت، فهوى في أثرها أبد الآبدين ". قالوا: والأمانة في الصلاة والأمانة في الصوم والأمانة في الحديث، وأشد ذلك الودائع، فلقيت البراء فقلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك عبد الله؟ فقال: صدق.
قال شريك وثني عياش العامري عن زاذان عن عبد الله بن مسعود عن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بنحوه، لم يذكر الأمانة في الصلاة وفي كل شيء.
حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: أخبرني عمرو بن الحارث عن ابن أَبي هلال عن أَبي حازم قال: إن الله عرض الأمانة على سماء الدنيا فأبت ثم التي تليها حتى فرغ منها، ثم الأرضين ثم الجبال، ثم عرضها على آدم فقال: نعم بين أذني وعاتقي. فثلاث آمرك بهن فإنهن لك عون: إني جعلت لك لسانًا بين لحيين فكفه عن كل شيء نهيتك عنه، وجعلت لك فرجًا وواريته فلا تكشفه إلى ما حرمت عليك (2) .
وقال آخرون: بل ذلك إنما عنى به ائتمان آدم ابنه قابيل على أهله وولده، وخيانة قابيل أباه في قتله أخاه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن هارون قال: ثنا عمرو بن حماد قال: ثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أَبي مالك وعن أَبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: كان لا يولد لآدم مولود إلا ولد معه جارية، فكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر، ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر، حتى ولد له اثنان، يقال لهما: قابيل وهابيل، وكان قابيل صاحب زرع وكان هابيل صاحب ضرع، وكان قابيل أكبرهما وكان له أخت أحسن من أخت هابيل، وإن هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل، فأبى عليه وقال: هي أختي ولدت معي وهي أحسن من أختك وأنا أحق أن أتزوجها فأمره أبوه أن يزوجها هابيل فأبى، وإنهما قربا قربانًا إلى الله أيهما أحق بالجارية، وكان آدم يومئذ قد غاب عنهما، أي بمكة ينظر إليها، قال الله لآدم: يا آدم هل تعلم أن لي بيتًا في الأرض؟ قال: اللهم لا قال: إن لي بيتا بمكة فأته، فقال آدم للسماء: احفظي ولدي بالأمانة فأبت، وقال للأرض فأبت، فقال للجبال فأبت، فقال لقابيل فقال: نعم، تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك، فلما انطلق آدم وقربا قربانًا وكان قابيل يفخر عليه فيقول: أنا أحق بها منك؛ هي أختي، وأنا أكبر منك، وأنا وصي والدي، فلما قربا، قرب هابيل جَذَعَة سمينة وقرب هابيل حزمة سنبل، فوجد فيها سنبلة عظيمة ففركها فأكلها، فنـزلت النار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب وقال: لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال هابيل إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ... إلى قوله فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فطلبه ليقتله فراغ الغلام منه في رءوس الجبال، وأتاه يوما من الأيام وهو يرعى غنمه في جبل وهو نائم، فرفع صخرة فشدخ بها رأسه فمات، وتركه بالعراء ولا يعلم كيف يدفن؛ فبعث الله غرابين أخوين فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه فحفر له ثم حثا عليه فلما رآه قال: يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فهو قول الله تبارك وتعالى فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ فرجع آدم فوجد ابنه قد قتل أخاه فذلك حين يقول ( إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ ...) إلى آخر الآية.
وأولى الأقوال في ذلك بالصواب ما قاله الذين قالوا: إنه عُنِي بالأمانة في هذا الموضع: جميع معاني الأمانات في الدين وأمانات الناس وذلك أن الله لم يخص بقوله (عَرَضْنَا الأمَانَةَ) بعض معاني الأمانات لما وصفنا.
وبنحو قولنا قال أهل التأويل في معنى قول الله (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) .
* ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى قال ثنا عمرو قال ثنا أسباط عن السدي (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) يعني قابيل حين حمل أمانة آدم لم يحفظ له أهله.
حدثنا ابن بشار قال ثنا أَبو أحمد الزبيري قال ثنا سفيان عن رجل عن الضحاك في قوله (وَحَملَهَا الإنْسَانُ) قال آدم (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) قال: ظلومًا لنفسه جهولا فيما احتمل فيما بينه وبين ربه.
حدثنا علي قال ثنا أَبو صالح قال ثني معاوية، عن علي عن ابن عباس (إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) غر بأمر الله.
حدثنا بشر قال ثنا يزيد قال ثنا سعيد عن قتادة (إِنَّه كَانَ ظَلُومًا جَهُولا) قال: ظلومًا لها يعني الأمانة جهولا عن حقها.
------------------------
الهوامش:
(1) في الأصل: وجبير. وسيأتي في الحديث نفسه أنه جويبر.
(2) ترك الثالثة والذي في الدر: إني جعلت لك بصرا، وجعلت لك شفرتين، فعضمها عن كل شيء نهيتك عنه، وجعلت لك لسانك ... إلخ .
إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)

قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا
لما بين تعالى في هذه السورة من الأحكام ما بين ، أمر بالتزام أوامره . والأمانة تعم جميع وظائف الدين على الصحيح من الأقوال ، وهو قول الجمهور . روى الترمذي الحكيم أبو عبد الله : حدثنا إسماعيل بن نصر عن صالح بن عبد الله عن محمد بن يزيد بن جوهر عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى لآدم يا آدم إني عرضت الأمانة على السماوات والأرض فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها فقال وما فيها يا رب قال إن حملتها أجرت وإن ضيعتها عذبت فاحتملها بما فيها فلم يلبث في الجنة إلا قدر ما بين صلاة الأولى إلى العصر حتى أخرجه الشيطان منها ) . فالأمانة هي الفرائض التي ائتمن الله عليها العباد . وقد اختلف في تفاصيل بعضها على أقوال ; فقال ابن مسعود : هي في أمانات الأموال كالودائع وغيرها . وروي عنه أنها في كل الفرائض ، وأشدها أمانة المال . وقال أبي بن كعب : من الأمانة أن ائتمنت المرأة على فرجها . وقال أبو الدرداء : غسل الجنابة أمانة ، وأن الله تعالى لم يأمن ابن آدم على شيء من دينه غيرها . وفي حديث مرفوع الأمانة الصلاة إن شئت قلت قد صليت وإن شئت قلت لم أصل . وكذلك الصيام وغسل الجنابة . وقال عبد الله بن عمرو بن العاص : أول ما خلق الله تعالى من الإنسان فرجه وقال هذه أمانة استودعتكها ، فلا تلبسها إلا بحق . فإن حفظتها حفظتك ، فالفرج أمانة ، والأذن أمانة ، والعين أمانة ، واللسان أمانة ، والبطن أمانة ، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، ولا إيمان لمن لا أمانة له . وقال السدي : هي ائتمان آدم ابنه قابيل على ولده وأهله ، وخيانته إياه في قتل أخيه . وذلك أن الله تعالى قال له : ( يا آدم ، هل تعلم أن لي بيتا في الأرض ) قال : ( اللهم لا ) قال : ( فإن لي بيتا بمكة فأته ) فقال للسماء : احفظي ولدي بالأمانة ؟ فأبت ، وقال للأرض : احفظي ولدي بالأمانة فأبت ، وقال للجبال كذلك فأبت . فقال لقابيل : احفظ ولدي بالأمانة ، فقال نعم ، تذهب وترجع فتجد ولدك كما يسرك . فرجع فوجده قد قتل أخاه ، فذلك قوله تبارك وتعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها . الآية . وروى معمر عن الحسن أن الأمانة عرضت على السماوات والأرض والجبال ، قالت : وما فيها ؟ قيل لها : إن أحسنت جوزيت وإن أسأت عوقبت . فقالت لا . قال مجاهد : فلما خلق الله تعالى آدم عرضها عليه ، قال : وما هي ؟ قال : إن أحسنت أجرتك وإن أسأت عذبتك . قال : فقد تحملتها يا رب . قال مجاهد : فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج من الجنة إلا قدر ما بين الظهر والعصر .
وروى علي بن طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال قال : الأمانة الفرائض ، عرضها الله عز وجل على السماوات والأرض والجبال ، إن أدوها أثابهم ، وإن ضيعوها عذبهم . فكرهوا ذلك وأشفقوا من غير معصية ، ولكن تعظيما لدين الله عز وجل ألا يقوموا به . ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها . قال النحاس : وهذا القول هو الذي عليه أهل التفسير . وقيل : لما حضرت آدم صلى الله عليه وسلم الوفاة أمر أن يعرض الأمانة على الخلق ، فعرضها فلم يقبلها إلا بنوه . وقيل : هذه الأمانة هي ما أودعه الله تعالى في السماوات والأرض والجبال والخلق ، من الدلائل على ربوبيته أن يظهروها فأظهروها ، إلا الإنسان فإنه كتمها وجحدها ; قاله بعض المتكلمين . ومعنى عرضنا أظهرنا ، كما تقول : عرضت الجارية على البيع . والمعنى إنا عرضنا الأمانة وتضييعها على أهل السماوات وأهل الأرض من الملائكة والإنس والجن فأبين أن يحملنها أي أن يحملن وزرها ، كما قال جل وعز : وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم . وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا . وحملها الإنسان قال الحسن : المراد الكافر والمنافق . إنه كان ظلوما لنفسه جهولا بربه . فيكون على هذا الجواب مجازا ، مثل : واسأل القرية . وفيه جواب آخر على أن يكون حقيقة أنه عرض على السماوات والأرض والجبال الأمانة وتضييعها وهي الثواب والعقاب ، أي أظهر لهن ذلك فلم يحملن وزرها ، وأشفقت وقالت : لا أبتغي ثوابا ولا عقابا ، وكل يقول : هذا أمر لا نطيقه ، ونحن لك سامعون ومطيعون فيما أمرن به وسخرن له ، قال الحسن وغيره . قال العلماء : معلوم أن الجماد لا يفهم ولا يجيب ، فلا بد من تقدير الحياة على القول الأخير . وهذا العرض عرض تخيير لا إلزام . والعرض على الإنسان إلزام . وقال القفال وغيره : العرض في هذه الآية ضرب مثل ، أي أن السماوات والأرض على كبر أجرامها ، لو كانت بحيث يجوز تكليفها لثقل عليها تقلد الشرائع ، لما فيها من الثواب والعقاب ، أي أن التكليف أمر حقه أن تعجز عنه السماوات والأرض والجبال ، وقد كلفه الإنسان وهو ظلوم جهول لو عقل . وهذا كقوله : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل - ثم قال : - وتلك الأمثال نضربها للناس .
قال القفال : فإذا تقرر في أنه تعالى يضرب الأمثال ، وورد علينا من الخبر ما لا يخرج إلا على ضرب المثل ، وجب حمله عليه . وقال قوم : إن الآية من المجاز ، أي إنا إذا قايسنا ثقل الأمانة بقوة السماوات والأرض والجبال ، رأينا أنها لا تطيقها ، وأنها لو تكلمت لأبت وأشفقت ، فعبر عن هذا المعنى بقوله . إنا عرضنا الأمانة الآية . وهذا كما تقول : عرضت الحمل على البعير فأباه ، وأنت تريد قايست قوته بثقل الحمل ، فرأيت أنها تقصر عنه . وقيل : عرضنا بمعنى عارضنا الأمانة بالسماوات والأرض والجبال فضعفت هذه الأشياء عن الأمانة ، ورجحت الأمانة بثقلها عليها . وقيل : إن عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال ، إنما كان من آدم عليه السلام . وذلك أن الله تعالى لما استخلفه على ذريته ، وسلطه على جميع ما في الأرض من الأنعام والطير والوحش ، وعهد إليه عهدا أمره فيه ونهاه وحرم وأحل ، فقبله ولم يزل عاملا به . فلما أن حضرته الوفاة سأل الله أن يعلمه من يستخلف بعده ، ويقلده من الأمانة ما تقلده ، فأمره أن يعرض ذلك على السماوات بالشرط الذي أخذ عليه من الثواب إن أطاع ومن العقاب إن عصى ، فأبين أن يقبلنه شفقا من عذاب الله . ثم أمره أن يعرض ذلك على الأرض والجبال كلها فأبياه . ثم أمره أن يعرض ذلك على ولده فعرضه عليه فقبله بالشرط ، ولم يهب منه ما تهيبت السماوات والأرض والجبال . إنه كان ظلوما لنفسه جهولا بعاقبة ما تقلد لربه . قال الترمذي الحكيم أبو عبد الله محمد بن علي : عجبت من هذا القائل من أين أتى بهذه القصة ! فإن نظرنا إلى الآثار وجدناها بخلاف ما قال ، وإن نظرنا إلى ظاهره وجدناه بخلاف ما قال ، وإن نظرنا إلى باطنه وجدناه بعيدا مما قال ! وذلك أنه ردد ذكر الأمانة ولم يذكر ما الأمانة ، إلا أنه يومئ في مقالته إلى أنه سلطه على جميع ما في الأرض ، وعهد الله إليه عهدا فيه أمره ونهيه وحله وحرامه ، وزعم أنه أمره أن يعرض ذلك على السماوات والأرض والجبال ; فما تصنع السماوات والأرض والجبال بالحلال والحرام ؟ وما التسليط على الأنعام والطير والوحش ! وكيف إذا عرضه على ولده فقبله في أعناق ذريته من بعده . وفي مبتدأ الخبر في التنزيل أنه عرض الأمانة على السماوات والأرض والجبال حتى ظهر الإباء منهم ، ثم ذكر أن الإنسان حملها ، أي من قبل نفسه لا أنه حمل ذلك ، فسماه ظلوما أي لنفسه ، جهولا بما فيها .
وأما الآثار التي هي بخلاف ما ذكر ، فحدثني أبي رحمه الله قال حدثنا الفيض بن الفضل الكوفي حدثنا السري بن إسماعيل عن عامر الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال : لما خلق الله الأمانة مثلها صخرة ، ثم وضعها حيث شاء ، ثم دعا لها السماوات والأرض والجبال ليحملنها ، وقال لهن : إن هذه الأمانة ، ولها ثواب وعليها عقاب ; قالوا : يا رب ، لا طاقة لنا بها ; وأقبل الإنسان من قبل أن يدعى فقال للسماوات والأرض والجبال : ما وقوفكم ؟ قالوا : دعانا ربنا أن نحمل هذه فأشفقنا منها ولم نطقها ; قال : فحركها بيده وقال : والله لو شئت أن أحملها لحملتها ; فحملها حتى بلغ بها إلى ركبتيه ، ثم وضعها وقال : والله لو شئت أن أزداد لازددت ; قالوا : دونك ! فحملها حتى بلغ بها حقويه ، ثم وضعها وقال : والله لو شئت أن أزداد لازددت ; قالوا : دونك ، فحملها حتى وضعها على عاتقه ، فلما أهوى ليضعها ، قالوا : مكانك ! إن هذه الأمانة ، ولها ثواب وعليها عقاب ، وأمرنا ربنا أن نحملها فأشفقنا منها ، وحملتها أنت من غير أن تدعى لها ، فهي في عنقك وفي أعناق ذريتك إلى يوم القيامة ، إنك كنت ظلوما جهولا . وذكر أخبارا عن الصحابة والتابعين تقدم أكثرها . وحملها الإنسان أي التزم القيام بحقها ، وهو في ذلك ظلوم لنفسه . وقال قتادة : للأمانة ، جهول بقدر ما دخل فيه . وهذا تأويل ابن عباس وابن جبير . وقال الحسن : جهول بربه . قال : ومعنى ( حملها ) خان فيها . وقال الزجاج : والآية في الكافر والمنافق والعصاة على قدرهم على هذا التأويل . وقال ابن عباس وأصحابه والضحاك وغيره : الإنسان آدم ، تحمل الأمانة فما تم له يوم حتى عصى المعصية التي أخرجته من الجنة . وعن ابن عباس أن الله تعالى قال له : أتحمل هذه الأمانة بما فيها . قال وما فيها ؟ قال : إن أحسنت جزيت وإن أسأت عوقبت . قال : أنا أحملها بما فيها بين أذني وعاتقي . فقال الله تعالى له : إني سأعينك ، قد جعلت لبصرك حجابا فأغلقه عما لا يحل لك ، ولفرجك لباسا فلا تكشفه إلا على ما أحللت لك . وقال قوم : الإنسان النوع كله . وهذا حسن مع عموم الأمانة كما ذكرناه أولا . وقال السدي : الإنسان قابيل . فالله أعلم .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features