فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)

قوله عز وجل : ( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء ) لينة ليست بعاصفة ، ( حيث أصاب ) حيث أراد تقول العرب : أصاب الصواب فأخطأ الجواب ، تريد أراد الصواب .
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)

القول في تأويل قوله تعالى : فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)
يقول تعالى ذكره: فاستجبنا له دعاءه, فأعطيناه ملكا لا ينبغي لأحد من بعده ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ ) مكان الخيل التي شغلته عن الصلاة ( تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً ) يعني: رِخوة لينة, وهي من الرخاوة.
كما حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع, قال: ثنا بشر بن المفضل, قال: ثنا عوف, عن الحسن, أن نبي الله سليمان صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم لما عرضت عليه الخيل, فشغله النظر إليها عن صلاة العصر حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ فغضب لله, فأمر بها فعُقرت, فأبدله الله مكانها أسرع منها, سخر الريح تجري بأمره رُخاء حيث شاء, فكان يغدو من إيلياء, ويقيل بقزوين, ثم يروح من قَزْوين ويبيت بكابُل.
حُدثت عن الحسن, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي فإنه دعا يوم دعا ولم يكن في مُلكه الريح, وكل بناء وغواص من الشياطين, فدعا ربه عند توبته واستغفاره, فوهب الله له ما سأل, فتمّ مُلكه.
واختلف أهل التأويل في معنى الرخاء, فقال فيه بعضهم نحو الذي قلنا فيه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قوله ( تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً ) قال: طَيِّبة.
حدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بنحوه.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ) قال: سريعة طيبة, قال: ليست بعاصفة ولا بطيئة.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( رُخَاءً ) قال: الرخاء اللينة.
حدثنا ابن بشار, قال: ثنا أبو عامر, قال: ثنا قرة, عن الحسن, في قوله ( رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ) قال: ليست بعاصفة, ولا الهَيِّنة بين ذلك رُخاء.
وقال آخرون: معنى ذلك: مطيعة لسليمان.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن على, عن ابن عباس, قوله ( رُخَاءً ) يقول: مُطيعة له.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً ) قال: يعني بالرُّخاء: المطيعة.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله, قال: ثنا شعبة, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله ( تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً ) قال: مطيعة.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( رُخَاءً ) يقول: مطيعة.
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد, قال: ثنا أسباط, عن السديّ, قوله ( رُخَاءً ) قال: طوعا. وقوله ( حَيْثُ أَصَابَ ) يقول: حيث أراد, من قولهم: أصاب الله بك خيرا: أي أراد الله بك خيرا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ, قال: ثنا أبو صالح, قال: ثني معاوية, عن عليّ عن ابن عباس, قوله ( حَيْثُ أَصَابَ ) يقول: حيث أراد.
حدثني محمد بن سعد, قال: ثني أبي, قال: ثني عمي, قال: ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( حَيْثُ أَصَابَ ) يقول: حيث أراد, انتهى عليها.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال. ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( حَيْثُ أَصَابَ ) قال: حيث شاء.
حدثنا ابن المثنى, قال: ثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله, قال: ثنا شعبة, عن أبي رجاء, عن الحسن, في قوله ( حَيْثُ أَصَابَ ) قال: حيث أراد.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( حَيْثُ أَصَابَ ) قال: إلى حيث أراد.
حُدثت عن الحسين, قال: سمعت أبا معاذ يقول: أخبرنا عبيد, قال: سمعت الضحاك يقول في قوله ( حَيْثُ أَصَابَ ) قال: حيث أراد.
حدثنا ابن حميد, قال: ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, عن بعض أهل العلم, عن وهب بن منبه ( حَيْثُ أَصَابَ ) : أي حيث أراد.
حدثنا محمد بن الحسين, قال: ثنا أحمد بن المفضل, قال: ثنا أسباط, عن السديّ( حَيْثُ أَصَابَ ) قال: حيث أراد.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( حَيْثُ أَصَابَ ) قال: حيث أراد.
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)

قوله تعالى : فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء أي لينة مع قوتها وشدتها حتى لا تضر بأحد ، وتحمله بعسكره وجنوده وموكبه . وكان موكبه فيما روي فرسخا في فرسخ ، مائة درجة بعضها فوق بعض ، كل درجة صنف من الناس ، وهو في أعلى درجة مع جواريه وحشمه وخدمه ، صلوات الله وسلامه عليه . وذكر أبو نعيم الحافظ قال : حدثنا أحمد بن جعفر ، قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب ، قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن إدريس بن وهب بن منبه ، قال حدثني أبي قال : كان لسليمان بن داود - عليه السلام - ألف بيت ، أعلاه قوارير وأسفله حديد ، فركب الريح يوما فمر بحراث فنظر إليه الحراث فقال : لقد أوتي آل داود ملكا عظيما ، فحملت الريح كلامه فألقته في أذن سليمان ، قال فنزل حتى أتى الحراث فقال : إني سمعت قولك ، وإنما مشيت إليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه ، لتسبيحة واحدة يقبلها الله منك لخير مما أوتي آل داود . فقال الحراث : أذهب الله همك كما أذهبت همي .
قوله تعالى : حيث أصاب أي أراد ، قاله مجاهد . والعرب تقول : أصاب الصواب وأخطأ الجواب . أي : أراد الصواب وأخطأ الجواب ، قاله ابن الأعرابي . وقال الشاعر :
أصاب الكلام فلم يستطع فأخطا الجواب لدى المفصل
وقيل : أصاب أراد بلغة حمير . وقال قتادة : هو بلسان هجر . وقيل : حيث أصاب : حينما قصد ، وهو مأخوذ من إصابة السهم الغرض المقصود .
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)

قال الله تعالى : ( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ) والتي بعدها ، قال : فأعطاه [ الله ] ما أعطاه وفي الآخرة لا حساب عليه .
هكذا أورده أبو القاسم بن عساكر في ترجمة سليمان - عليه السلام - في تاريخه
وروي عن بعض السلف أنه قال : بلغني عن داود [ عليه السلام ] أنه قال : " إلهي كن لسليمان كما كنت لي " : فأوحى الله إليه : أن قل لسليمان : يكون لي كما كنت لي ، أكون له كما كنت لك .
وقوله : ( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ) قال الحسن البصري رحمه الله : لما عقر سليمان الخيل غضبا لله - عز وجل - عوضه الله ما هو خير منها وأسرع الريح التي غدوها شهر ورواحها شهر .
وقوله : ( حيث أصاب ) أي : حيث أراد من البلاد .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features