يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)

( يوم هم بارزون ) خارجون من قبورهم ظاهرون لا يسترهم شيء ، ( لا يخفى على الله منهم ) من أعمالهم وأحوالهم ، ) ( شيء ) يقول الله تعالى في ذلك اليوم بعد فناء الخلق : ( لمن الملك اليوم ) فلا أحد يجيبه ، فيجيب نفسه فيقول : ( لله الواحد القهار ) الذي قهر الخلق بالموت .
يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)

{ يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ } أي: ظاهرون على الأرض، قد اجتمعوا في صعيد واحد لا عوج ولا أمت فيه، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر.
{ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ } لا من ذواتهم ولا من أعمالهم، ولا من جزاء تلك الأعمال.
{ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ } أي: من هو المالك لذلك اليوم العظيم الجامع للأولين والآخرين، أهل السماوات وأهل الأرض، الذي انقطعت فيه الشركة في الملك، وتقطعت الأسباب، ولم يبق إلا الأعمال الصالحة أو السيئة؟ الملك { لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ } أي: المنفرد في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فلا شريك له في شيء منها بوجه من الوجوه. { الْقَهَّارِ } لجميع المخلوقات، الذي دانت له المخلوقات وذلت وخضعت، خصوصًا في ذلك اليوم الذي عنت فيه الوجوه للحي القيوم، يومئذ لا تَكَلَّمُ نفس إلا بإذنه.
يَوْمَ هُم بَارِزُونَ ۖ لَا يَخْفَىٰ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ۚ لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (16)

وقوله: ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) يعني بقوله ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ ) يعني المنذرين الذين أرسل الله إليهم رسله لينذروهم وهم ظاهرون يعني للناظرين لا يحول بينهم وبينهم جبل ولا شجر, ولا يستر بعضهم عن بعض ساتر, ولكنهم بقاع صفصف لا أمت فيه ولا عوج . و " هم " من قوله: ( يَوْمَ هُمْ ) في موضع رفع بما بعده, كقول القائل: فعلت ذلك يوم الحجاج أمير.
واختلف أهل العربية في العلة التي من أجلها لم تخفض هم بيوم وقد أضيف إليه؟ فقال بعض نحويي البصرة: أضاف يوم إلى هم في المعنى, فلذلك لا ينوّن اليوم, كما قال: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ وقال: هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ومعناه: هذا يوم فتنتهم, ولكن لما ابتدأ بالاسم, وبنى عليه لم يقدر على جرّه, وكانت الإضافة في المعنى إلى الفتنة, وهذا إنما يكون إذا كان اليوم في معنى إذ, وإلا فهو قبيح; ألا ترى أنك تقول: ليتك زمن زيد أمير: أي إذ زيد أمير, ولو قلت: ألقاك زمن زيدٌ أمير, لم يحسن. وقال غيره: معنى ذلك: أن الأوقات جعلت بمعنى إذ وإذا, فلذلك بقيت عل نصبها في الرفع والخفض والنصب, فقال: وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ فنصبوا, والموضع خفض, وذلك دليل على أنه جعل موضعَ الأداة, ويجوز أن يعرب بوجوه الإعراب, لأنه ظهر ظهور الأسماء; ألا ترى أنه لا يعود عليه العائد كما يعود على الأسماء, فإن عاد العائد نوّن وأعرب ولم يضف, فقيل: أعجبني يوم فيه تقول, لما أن خرج من معنى الأداة, وعاد عليه الذكر صار اسما صحيحا. وقال: وجائز فى إذ أن تقول: أتيتك إذ تقوم, كما تقول: أتيتك يوم يجلس القاضي, فيكون زمنا معلوما, فأما أتيتك يوم تقوم فلا مؤنة فيه وهو جائز عند جميعهم, وقال: وهذه التي تسمى إضافة غير محضة.
والصواب من القول عندي في ذلك, أن نصب يوم وسائر الأزمنة في مثل هذا الموضع نظير نصب الأدوات لوقوعها مواقعها, وإذا أعربت بوجوه الإعراب, فلأنها ظهرت ظهور الأسماء, فعوملت معاملتها.
وقوله: (لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ) أي ولا من أعمالهم التي عملوها في الدنيا( شَيْءٌ ) .
وكان قتادة يقول في ذلك ما حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة, قوله: ( يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ ) ولكنهم برزوا له يوم القيامة, فلا يستترون بجبل ولا مدر.
وقوله: ( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) يعني بذلك: يقول الربّ: لمن الملك اليوم; وترك ذكر " يقول " استغناء بدلالة الكلام عليه. وقوله: ( لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) وقد ذكرنا الرواية الواردة بذلك فيما مضى قبل. ومعنى الكلام: يقول الربّ: لمن السلطان اليوم؟ وذلك يوم القيامة, فيحيب نفسه فيقول: ( لِلَّهِ الْوَاحِدِ ) الذي لا مثل له ولا شبيه ( القَهَّارِ ) لكلّ شيء سواه بقدرته, الغالب بعزّته.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features