وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)

( وامتازوا اليوم أيها المجرمون ) قال مقاتل : اعتزلوا اليوم من الصالحين . قال أبو العالية : تميزوا . وقال السدي : كونوا على حدة . وقال الزجاج : انفردوا عن المؤمنين . قال الضحاك : إن لكل كافر في النار بيتا يدخل ذلك البيت ويردم بابه بالنار فيكون فيه أبد الآبدين لا يرى ولا يرى .
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)

قوله تعالى : وامتازوا اليوم أيها المجرمون ويقال : تميزوا وأمازوا وامتازوا بمعنى ، ومزته فانماز وامتاز ، وميزته فتميز . أي : يقال لهم هذا عند الوقوف للسؤال حين يؤمر بأهل الجنة إلى الجنة ، أي : اخرجوا من جملتهم . قال قتادة : عزلوا عن كل خير . وقال الضحاك : يمتاز المجرمون بعضهم من بعض ، فيمتاز اليهود فرقة ، والنصارى فرقة ، والمجوس فرقة ، والصابئون فرقة ، وعبدة الأوثان فرقة . وعنه أيضا : إن لكل فرقة في النار بيتا تدخل فيه ويرد بابه ، فتكون فيه أبدا لا ترى ولا ترى . وقال داود بن الجراح : فيمتاز المسلمون من المجرمين ، إلا أصحاب الأهواء فيكونون مع المجرمين .
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)

القول في تأويل قوله تعالى : وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)
يعني بقوله ( وَامْتَازُوا ) : تَميزوا؛ وهي افتعلوا، من ماز يميز، فعل يفعل منه: امتاز يمتاز امتيازا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) قال: عُزِلوا عن كل خير .
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: " إذَا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ أمَرَ اللهُ جَهَنَّمَ فَيَخْرُجُ مِنْها عُنُقٌ ساطِعٌ مُظْلِمٌ، ثُمَّ يَقُولُ: ( أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ) .. الآية، إلى قوله هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ ) فيَتَمَيَّزُ النَّاسُ ويَجْثُونَ، وَهِيَ قَوْلُ اللهِ وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ ... الآية " .
فتأويل الكلام إذن: وتميزوا من المؤمنين اليوم أيها الكافرون بالله، فإنكم واردون غير موردهم، داخلون غير مدخلهم.
وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59)

يقول تعالى مخبرا عما يؤول إليه حال الكفار يوم القيامة من أمره لهم أن يمتازوا ، بمعنى : يتميزون عن المؤمنين في موقفهم ، كقوله تعالى : ( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم ) [ يونس : 28 ] ، وقال تعالى : ( ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون ) [ الروم : 14 ] ، ( يومئذ يصدعون ) [ الروم : 43 ] أي : يصيرون صدعين فرقتين ، ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم ) [ الصافات : 22 ، 23 ] .
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features