فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)

( فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم ) قال ابن عباس : كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه ، وذلك أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة ، وكان لهم من الغد عيد ومجمع ، وكانوا يدخلون على أصنامهم [ ويقربون لهم القرابين ] ، ويصنعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم - زعموا - للتبرك عليه فإذا انصرفوا من عيدهم أكلوه ، فقالوا لإبراهيم : ألا تخرج غدا معنا إلى عيدنا ؟ فنظر إلى النجوم فقال : إني سقيم . قال ابن عباس : مطعون ، وكانوا يفرون من الطاعون فرارا عظيما . قال الحسن : مريض . وقال مقاتل : وجع . وقال الضحاك : سأسقم .
فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)

فقال إني سقيم وقال الضحاك : معنى سقيم سأسقم سقم الموت ; لأن من كتب عليه الموت يسقم في الغالب ثم يموت ، وهذا تورية وتعريض ، كما قال للملك لما سأله عن سارة : هي أختي ، يعني أخوة الدين . وقال ابن عباس وابن جبير والضحاك أيضا : أشار لهم إلى مرض وسقم يعدي كالطاعون ، وكانوا يهربون من الطاعون ، " ف " لذلك تولوا عنه مدبرين أي : فارين منه خوفا من العدوى .
وروى الترمذي الحكيم قال : حدثنا أبي قال : حدثنا عمرو بن حماد ، عن أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك وأبي صالح ، عن ابن عباس ، وعن سمرة عن الهمداني عن ابن مسعود قال : قالوا لإبراهيم : إن لنا عيدا لو خرجت معنا لأعجبك ديننا . فلما كان يوم العيد خرجوا إليه وخرج معهم ، فلما كان ببعض الطريق ألقى بنفسه ، وقال إني سقيم أشتكي رجلي ، فوطئوا رجله وهو صريع ، فلما مضوا نادى في آخرهم وتالله لأكيدن أصنامكم قال أبو عبد الله : وهذا ليس بمعارض لما قال ابن عباس وابن جبير ; لأنه يحتمل أن يكون قد اجتمع له أمران .
قلت : وفي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : لم يكذب إبراهيم النبي - عليه السلام - إلا ثلاث كذبات . . . الحديث . وقد مضى في سورة [ الأنبياء ] وهو يدل على أنه لم يكن سقيما ، وإنما عرض لهم . وقد قال - جل وعز - : إنك ميت وإنهم ميتون فالمعنى إني سقيم فيما أستقبل ، فتوهموا هم أنه سقيم الساعة . وهذا من معاريض الكلام على ما ذكرنا ، ومنه المثل السائر [ كفى بالسلامة داء ] وقول لبيد :
فدعوت ربي بالسلامة جاهدا ليصحني فإذا السلامة داء
وقد مات رجل فجأة فالتف عليه الناس فقالوا : مات وهو صحيح! فقال أعرابي : أصحيح من الموت في عنقه! فإبراهيم صادق ، لكن لما كان الأنبياء لقرب محلهم واصطفائهم عد هذا ذنبا ، ولهذا قال : والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين وقد مضى هذا كله مبينا والحمد لله . وقيل : أراد سقيم النفس لكفرهم . والنجوم يكون جمع نجم ويكون واحدا مصدرا .
فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ (89)

{ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } في الحديث الصحيح: "لم يكذب إبراهيم عليه السلام إلا ثلاث كذبات: قوله { إِنِّي سَقِيمٌ } وقوله { بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا } وقوله عن زوجته "إنها أختي" والقصد أنه تخلف عنهم، ليتم له الكيد بآلهتهم.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features