وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)

( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ) قال سفيان الثوري : يعني لم يخالفوه في شيء ( وهو الحق من ربهم ) قال ابن عباس - رضي الله عنه - ما : " الذين كفروا وصدوا " : مشركو مكة ، " والذين آمنوا وعملوا الصالحات " : الأنصار . ( كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ) حالهم ، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : عصمهم أيام حياتهم ، يعني أن هذا الإصلاح يعود إلى إصلاح أعمالهم حتى لا يعصوا .
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)

قوله تعالى : والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم .
قوله تعالى : والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد قال ابن عباس ومجاهد : هم الأنصار . وقال مقاتل : إنها نزلت خاصة في ناس من قريش . وقيل : هما عامتان فيمن كفر وآمن . ومعنى أضل أعمالهم : أبطلها . وقيل : أضلهم عن الهدى بما صرفهم عنه من التوفيق . وعملوا الصالحات من قال إنهم الأنصار فهي المواساة في مساكنهم وأموالهم . ومن قال إنهم من قريش فهي الهجرة . ومن قال بالعموم فالصالحات جميع الأعمال التي ترضي الله تعالى . وآمنوا بما نزل على محمد لم يخالفوه في شيء ، قاله سفيان الثوري . وقيل : صدقوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به . وهو الحق من ربهم يريد أن إيمانهم هو الحق من ربهم . وقيل : أي : إن القرآن هو الحق من ربهم ، نسخ به ما قبله كفر عنهم سيئاتهم أي ما مضى من سيئاتهم قبل الإيمان . وأصلح بالهم أي شأنهم ، عن مجاهد وغيره . وقال قتادة : حالهم . ابن عباس : أمورهم . والثلاثة متقاربة وهي متأولة على إصلاح ما تعلق بدنياهم . وحكى النقاش أن المعنى أصلح نياتهم ، ومنه قول الشاعر :
فإن تقبلي بالود أقبل بمثله وإن تدبري أذهب إلى حال باليا
وهو على هذا التأول محمول على صلاح دينهم . ( والبال ) كالمصدر ، ولا يعرف منه فعل ، ولا تجمعه العرب إلا في ضرورة الشعر فيقولون فيه : بالات . المبرد : قد يكون البال في موضع آخر بمعنى القلب ، يقال : ما يخطر فلان على بالي ، أي : على قلبي . الجوهري : والبال رخاء النفس ، يقال فلان رخي البال . والبال : الحال ، يقال ما بالك . وقولهم : ليس هذا من بالي ، أي : مما أباليه . والبال : الحوت العظيم من حيتان البحر ، وليس بعربي . والبالة : وعاء الطيب ، فارسي معرب ، وأصله بالفارسية بيلة . قال أبو ذؤيب :
كأن عليها بالة لطمية لها من خلال الدأيتين أريج
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)

ثم قال : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات ) أي : آمنت قلوبهم وسرائرهم ، وانقادت جوارحهم وبواطنهم وظواهرهم ، ( وآمنوا بما نزل على محمد ) ، عطف خاص على عام ، وهو دليل على أنه شرط في صحة الإيمان بعد بعثته صلوات الله وسلامه عليه .
وقوله : ( وهو الحق من ربهم ) جملة معترضة حسنة ; ولهذا قال : ( كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ) قال ابن عباس : أي أمرهم . وقال مجاهد : شأنهم . وقال قتادة وابن زيد : حالهم . والكل متقارب . وقد جاء في حديث تشميت العاطس : " يهديكم الله ويصلح بالكم " .
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۙ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ (2)

وذُكر أنه عنى بقوله ( الَّذِينَ كَفَرُوا )... الآية أهل مكة,( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ )... الآية, أهل المدينة.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني إسحاق بن وهب الواسطي, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: خبرنا إسرائيل, عن أبي يحيى القتات, عن مجاهد, عن عبد الله بن عباس, في قوله ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) قال: نـزلت في أهل مكة ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) قال: الأنصار.
وبنحو الذي قلنا في معنى قوله ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني إسحاق بن وهب الواسطي, قال: ثنا عبيد الله بن موسى, قال: ثنا إسرائيل, عن أبي يحيى القتات, عن مجاهد, عن عبد الله بن عباس ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) قال: أمرهم.
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) قال: شأنهم.
حدثنا بشر, قال: ثنا يزيد, قال: ثنا سعيد, عن قتادة ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) قال: أصلح حالهم.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى, قال: ثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) قال: حالهم.
حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ) قال حالهم. والبال: كالمصدر مثل الشأن لا يعرف منه فعل, ولا تكاد العرب تجمعه إلا في ضرورة شعر, فإذا جمعوه قالوا بالات.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features