فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَىٰ (64)
قوله تعالى : فأجمعوا كيدكم الإجماع الإحكام والعزم على الشيء . تقول : أجمعت الخروج وعلى الخروج أي عزمت . وقراءة كل الأمصار فأجمعوا إلا أبا عمرو فإنه قرأ ( فاجمعوا ) بالوصل وفتح الميم . واحتج بقوله : فجمع كيده ثم أتى . قال النحاس وفيما حكي لي عن محمد بن يزيد أنه قال : يجب على أبي عمرو أن يقرأ بخلاف قراءته هذه ، وهي القراءة التي عليها أكثر الناس . قال : لأنه احتج ب ( جمع ) وقوله - عز وجل - : فجمع كيده قد ثبت هذا فيبعد أن يكون بعده ( فاجمعوا ) ويقرب أن يكون بعده فأجمعوا أي اعزموا وجدوا ؛ ولما تقدم ذلك وجب أن يكون هذا بخلاف معناه يقال : أمر مجمع ومجمع عليه . قال النحاس : ويصحح قراءة أبي عمرو ( فاجمعوا ) أي اجمعوا كل كيد لكم وكل حيلة فضموه مع أخيه . وقاله أبو إسحاق . الثعلبي : القراءة بقطع الألف وكسر الميم لها وجهان : أحدهما : بمعنى الجمع ، تقول : أجمعت الشيء جمعته بمعنى واحد ، وفي الصحاح : وأجمعت الشيء جعلته جميعا ؛ قال أبو ذؤيب يصف حمرا :
فكأنها بالجزع بين نبايع وأولات ذي العرجاء نهب مجمع
أي مجموع . والثاني : أنه بمعنى العزم والإحكام ؛ قال الشاعر :
يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل أغدون يوما وأمري مجمع
أي محكم . ثم ائتوا صفا قال مقاتل والكلبي : جميعا . وقيل : صفوفا ليكون أشد لهيبتكم وهو منصوب بوقوع الفعل عليه على قول أبي عبيدة ؛ قال يقال : أتيت الصف يعني المصلى ؛ فالمعنى عنده ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه يوم العيد . وحكي عن بعض فصحاء العرب : ما قدرت أن آتي الصف ؛ يعني المصلى . وقال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى ثم ائتوا والناس مصطفون ؛ فيكون على هذا مصدرا في موضع الحال . ولذلك لم يجمع . وقرئ ( ثم ايتوا ) بكسر الميم وياء . ومن ترك الهمزة أبدل من الهمزة ألفا . وقد أفلح اليوم من استعلى أي من غلب . وهذا كله من قول السحرة بعضهم لبعض . وقيل : من قول فرعون لهم .