وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20)
وجعلنا لكم فيها معايش يعني المطاعم والمشارب التي يعيشون بها ; واحدها معيشة ( بسكون الياء ) . ومنه قول جرير :
تكلفني معيشة آل زيد ومن لي بالمرقق والصناب
والأصل معيشة على مفعلة ( بتحريك الياء ) . وقد تقدم في الأعراف . وقيل : إنها الملابس ; قاله الحسن . وقيل : إنها التصرف في أسباب الرزق مدة الحياة . قال الماوردي : وهو الظاهر .
ومن لستم له برازقين يريد الدواب والأنعام ; قاله مجاهد . وعنده أيضا هم العبيد والأولاد الذين قال الله فيهم : نحن نرزقهم وإياكم ولفظ من يجوز أن يتناول العبيد والدواب إذا اجتمعوا ; لأنه إذا اجتمع من يعقل وما لا يعقل ، غلب من يعقل . أي جعلنا لكم فيها معايش وعبيدا وإماء ودواب وأولادا نرزقهم ولا ترزقونهم . ف " من " على هذا التأويل في موضع نصب ; قال معناه مجاهد وغيره . وقيل : أراد به الوحش . قال سعيد : قرأ علينا منصور ومن لستم له برازقين قال : الوحش . ف من على هذا تكون لما لا يعقل ; مثل فمنهم من يمشي على بطنه الآية . وهي في محل خفض عطفا على الكاف والميم في قوله : " لكم " . وفيه قبح عند البصريين ; فإنه لا يجوز عندهم عطف الظاهر على المضمر إلا بإعادة حرف الجر ; مثل مررت به وبزيد . ولا يجوز مررت به وزيد إلا في الشعر . كما قال :
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا فاذهب فما بك والأيام من عجب
وقد مضى هذا المعنى في " البقرة " وسورة " النساء " .