أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)

القول في تأويل قوله تعالى : أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا (1) بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)
يقول تعالى ذكره: أم ما تشركون بالله خير, أم الذي يهديكم في ظلمات البرّ والبحر إذا ضللتم فيهما الطريق, فأظلمت عليكم السبل فيهما؟
كما حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج قوله: (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) والظُّلماتِ في البر ضلاله الطريق, والبحر, ضلاله طريقه وموجه وما يكون فيه. قوله: (وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) يقول: والذي يرسل الرياح بُشرا لموتان الأرض بين يدي رحمته, يعني: قدام الغيث الذي يحيي موات الأرض. وقوله: (أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) يقول تعالى ذكره: أإله مع الله سوى الله يفعل بكم شيئا من ذلك فتعبدوه من دونه, أو تشركوه في عبادتكم إياه (تعالى الله) يقول: لله العلوّ والرفعة عن شرككم الذي تشركون به, وعبادتكم معه ما تعبدون.
------------------------
الهوامش :
(1) (في اللسان: نشر) وقوله تعالى (وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته) نشرا بضم النون والشين وقرئ نشرًا ونشرًا بضم النون وفتحها وسكون الشين والقراءة المشهورة نشرًا، بضم وسكون
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)

يقول : ( أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ) أي : بما خلق من الدلائل السماوية والأرضية ، كما قال : ( وعلامات وبالنجم هم يهتدون ) [ النحل : 16 ] ، وقال تعالى : ( وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر ) الآية [ الأنعام : 97 ] .
( ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ) أي : بين يدي السحاب الذي فيه مطر ، يغيث به عباده المجدبين الأزلين القنطين ، ( أإله مع الله تعالى الله عما يشركون ) .
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)

أي: من هو الذي يهديكم حين تكونون في ظلمات البر والبحر، حيث لا دليل ولا معلم يرى ولا وسيلة إلى النجاة إلا هدايته لكم، وتيسيره الطريق وجعل ما جعل لكم من الأسباب التي تهتدون بها، { وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي: بين يدي المطر، فيرسلها فتثير السحاب ثم تؤلفه ثم تجمعه ثم تلقحه ثم تدره، فيستبشر بذلك العباد قبل نزول المطر. { أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ } فعل ذلك؟ أم هو وحده الذي انفرد به؟ فلم أشركتم معه غيره وعبدتم سواه؟ { تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } تعاظم وتنزه وتقدس عن شركهم وتسويتهم به غيره.
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)

قوله تعالى : أمن يهديكم أي يرشدكم الطريق في ظلمات البر والبحر إذا سافرتم إلى البلاد التي تتوجهون إليها بالليل والنهار . وقيل : وجعل مفاوز البر التي لا أعلام لها ، ولجج البحار كأنها ظلمات ; لأنه ليس لها علم يهتدى به . ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي أي قدام المطر باتفاق أهل التأويل . أإله مع الله يفعل ذلك ويعينه عليه . تعالى الله عما يشركون من دونه .
أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63)

( أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ) إذا سافرتم ، ( ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ) أي : قدام المطر ، ( أإله مع الله تعالى الله عما يشركون )
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features