وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)

يقول تعالى ذكره: وقال هؤلاء الكافرون بالله، الذين اتخذوا من دونه آلهة: ما هذا القرآن الذي جاءنا به محمد ( إِلا إِفْكٌ ) يعني: إلا كذب وبهتان ( افْتَرَاهُ ) اختلقه وتخرّصه بقوله: ( وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) ذكر أنهم كانوا يقولون: إنما يعلِّم محمدا هذا الذي يجيئنا به اليهود, فذلك قوله: ( وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) يقول: وأعان محمدا على هذا الإفك الذي افتراه يهود.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: ( وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) قال: يهود.
حدثنا القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.
وقوله: ( فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ) يقول تعالى ذكره: فقد أتى قائلو هذه المقالة, يعني الذين قالوا: ( إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) ظلما, يعني بالظلم نسبتهم كلام الله وتنـزيله إلى أنه إفك افتراه محمد صلى الله عليه وسلم. وقد بيَّنا فيما مضى أن معنى الظلم: وضع الشيء في غير موضعه، فكان ظلم قائلي هذه المقالة القرآن بقيلهم هذا وصفهم إياه بغير صفته، والزور: أصله تحسين الباطل. فتأويل الكلام: فقد أتى هؤلاء، القوم في قيلهم ( إِنْ هَذَا إِلا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ) كذبا محضا.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو, قال: ثنا أبو عاصم, قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال: ثنا الحسن, قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد، وحدثني القاسم, قال: ثنا الحسين, قال: ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد ( فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا ) قال: كذبًا.
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)

وقال الذين كفروا ) يعني : المشركين ، يعني : النضر بن الحارث وأصحابه ، ) ( إن هذا ) ما هذا القرآن ، ( إلا إفك ) كذب ، ) ( افتراه ) اختلقه محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ( وأعانه عليه قوم آخرون ) قال مجاهد : يعني اليهود . وقال الحسن : هو عبيد بن الخضر الحبشي الكاهن . وقيل : جبر ، ويسار ، وعداس بن عبيد ، كانوا بمكة من أهل الكتاب ، فزعم المشركون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - يأخذ منهم ، قال الله تعالى : ) فقد جاءوا ) يعني قائلي هذه المقالة ، ( ظلما وزورا ) أي : بظلم وزور . فلما حذف الباء انتصب ، يعني جاؤوا شركا وكذبا بنسبتهم كلام الله تعالى إلى الإفك والافتراء .
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)

قوله تعالى : وقال الذين كفروا يعني مشركي قريش . وقال ابن عباس : القائل منهم ذلك النضر بن الحارث ; وكذا كل ما في القرآن فيه ذكر الأساطير . قال محمد بن إسحاق : وكان مؤذيا للنبي صلى الله عليه وسلم . إن هذا يعني القرآن . إلا إفك افتراه أي كذب اختلقه . وأعانه عليه قوم آخرون يعني اليهود ; قاله مجاهد . وقال ابن عباس : المراد بقوله : قوم آخرون أبو فكيهة مولى بني الحضرمي وعداس وجبر ، وكان هؤلاء الثلاثة من أهل الكتاب . وقد مضى في ( النحل ) ذكرهم . فقد جاءوا ظلما وزورا أي بظلم . وقيل : المعنى فقد أتوا ظلما .
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)

يقول تعالى مخبرا عن سخافة عقول الجهلة من الكفار ، في قولهم عن القرآن : ( إن هذا إلا إفك ) : أي : كذب ، ( افتراه ) يعنون النبي صلى الله عليه وسلم ، ( وأعانه عليه قوم آخرون ) أي : واستعان على جمعه بقوم آخرين . قال الله تعالى : ( فقد جاءوا ظلما وزورا ) أي : فقد افتروا هم قولا باطلا ، هم يعلمون أنه باطل ، ويعرفون كذب أنفسهم فيما يزعمون .
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4)

أي: وقال الكافرون بالله الذي أوجب لهم كفرهم أن قالوا في القرآن والرسول: إن هذا القرآن كذب كذبه محمد وإفك افتراه على الله وأعانه على ذلك قوم آخرون.
فرد الله عليهم ذلك بأن هذا مكابرة منهم وإقدام على الظلم والزور، الذي لا يمكن أن يدخل عقل أحد وهم أشد الناس معرفة بحالة الرسول صلى الله عليه وسلم وكمال صدقه وأمانته وبره التام وأنه لا يمكنه، لا هو ولا سائر الخلق أن يأتوا بهذا القرآن الذي هو أجل الكلام وأعلاه وأنه لم يجتمع بأحد يعينه على ذلك فقد جاءوا بهذا القول ظلما وزورا.
 
آيــات | Ayat

آيــــات - القرآن الكريم Holy Quran - مشروع المصحف الإلكتروني بجامعة الملك سعود

هذه هي النسخة المخففة من المشروع - المخصصة للقراءة والطباعة - للاستفادة من كافة المميزات يرجى الانتقال للواجهة الرئيسية
This is the light version of the project - for plain reading and printing - please switch to Main interface to view full features